نعم... العرب أي ضا قادرون خطوط: ح سن امل سعودي

Transkript

1 اأ صدرته منظمة اليون سكو عام 1996 عدد 159 الأربعاء 2 ت رشين الثاين )نوفمرب( 2011 نعم... العرب أي ضا قادرون حممد بن عي سى اجلابر خطوط: ح سن امل سعودي امل ؤ س سة الراعية ال رشيك الثقايف

2 معايل ال سيدة إايرينا بوكوفا Irina Bokova املديرة العامة ملنظمة الأمم املتحدة للرتبية والعلم والثقافة -اليون سكو- ومعايل ال شيخ حممد بن عي سى اجلاب ر MBI Al Jaber املبعوث اخلا ص ملنظمة اليون سكو للت سامح والدميقراطية وال سالم. إميانا منها ب أهمية ن رش املعرفة وت شجيع القراءة ودعم الفن الت شكيلي ملواجهة الأزمة الثقافية اخلانقة يف العامل العربي واإ سهاما يف إاعداد جيل ع رصي عربي قادر على امل ساهمة يف بناء احل ضارة احلديثة والتو صل عرب الرتبية والعلم والثقافة اإىل إادراك الدميقراطية وال سالم مت ش يا مع مبادئ امليثاق الت أ سي سي لليون سكو ت صد ر م ؤو س سة حممد بن عي سى اجلابر MBI Al UNESCO / بالتعاون مع منظمة اليون سكو Jaber Foundation وب ل شرتاك مع كربيات ال صحف اليومي ة العربي ة توؤازرها نخبة من كبار الأدباء والكت اب ومن ورائهم املاليني من القارئني كتاب يف جريدة شهريا وب شكل جماين ومنتظم هدي ة منها اإىل اأكرب فئة من القر اء يف جميع العوا صم العربية والعرب يف العامل. ال صفحة الرئي سية للموقع اللكرتوين ل"كتاب يف جريدة" الأربعاء الأول من كل شهر على 2

3 هذا الكتاب حممد بن عي سى اجلابر يف ضوء الأحداث الكربى التي ي شهدها العامل العربي اليوم عودة إاىل قراءة "نعم... العرب اأي ضا قادرون" صدر يف اأواخر عام 2009 عن الدار امل رصية اللبنانية كتاب»نعم... العرب اأي ضا قادرون«ل حممد بن عي سى اجلابر حيث حاول امل ؤولف إالقاء ال ضوء على حال العامل العربي والأزمات ال سيا سية والقت صادية والجتماعية التي يواجهها وا ستقراء حركية املجتمع وتطوره. وقد ك شفت الثورات والنتفا ضات التي جتتاح الدول العربية هذه الأيام عن احلاجات واملطالب الأ سا سية للفرد العربي ممثلة بالدميقراطية وال شفافية وامل شاركة يف القرار وحقوق املواطنة والإن سان و أاكدت يف نف س الوقت على كون هذه املجتمعات»قادرة«اأي ضا على اأن مت سك بقدرها وتدير دفة امل س ؤوولية ب أعلى درجاتها م ستندة بذلك إاىل روح ال شباب وم سلحة باملعرفة والتقنيات احلديثة واحلوار والنفتاح على الآخر املختلف. وقد كان امل ؤولف حممد بن عي سى اجلابر قد نب ه ب شكل جلي يف كتابه الآنف الذكر الذي يف صح إابتداء من العنوان عن ا ستقراء هذه التحولت واأبعادها واأ سبابها فذكر اأننا نعي ش فرتة»النتقال إاىل ع رص ما بعد ال صناعي أاي ع رص تقنيات الت صال واملعلومات الرقمية وجمتمع املعرفة الذي سيثمر عنه منط جديد من العالقات القت صادية والجتماعية وال سيا سي ة«)*( وهو ما يح صل بال ضبط اإذ اأن ثورات الفي س بوك facebook اليوم لي ست اإل صورة لهذا النمط اجلديد من العالقات الجتماعية وال سيا سية التي ي شري إاليها امل ؤولف بو ضوح. كما اأنه رك ز على دور م رص القيادي يف التحولت والنه ضة العربية بعد ا ستعرا ض ت أريخي حتليلي لتجليات ع رص التنوير من خالل م رص ودورها ال شعاعي يف املنطقة مع الإ شارة إاىل تون س وت أثريها يف منطقة ال شمال الأفريقي. وقد أاثبتت الأحداث م صداقية هذه النظرة و صوابها. ويف حتليل اأ سباب هذه الثورات والتحولت ي شري بجالء إاىل أان»املواطن العربي ي شعر بالغربة يف جمتمعه وهذا ال شعور ال سلبي يالزمه اأكرث و أاكرث كل ما لحظ الفرق بينه كمواطن يف بالده وبني املواطنني يف بلدان العامل. فهو يرى اأن املواطن الأوروبي اأو الأمريكي يت رصف يف بالده وك أنها بيته اخلا ص يحق له أان يفكر يف جتميلها وحت سني ظروفه فيها كما يحلو له اأما العربي ب شكل عام في شعر بنف سه يف بيته غريبا ويزداد هذا ال شعور بالغرابة يف الوطن مع الفقر واجلهل مع أان البلدان العربية حتمل يف اأح شائها جزءا كبريا من خريات العامل وحتمل يف ت أريخها جزءا كبريا من عقل العامل وح ضارته«)*(. هو الإح سا س بالغربة اإذن يف الوطن وغياب امل شاركة لدى املواطن العربي قد اأو صل ال شعوب العربية اإىل درجات الإحباط التي قادت اإىل هذه التحولت الكربى وهو ما يت ضح من مطاليب الثوار ال شباب يف جميع الدول التي تعتمل فيها اليوم هذه التحولت الت أريخية والتي ترتكز على امل شاركة يف القرار والدميقراطية وال شفافية. شوقي عبد الأمري التتمة ص 31 ح سن امل سعودي - و ل د عام 1944 يف مدينة النجف - انهى درا سته املتو سطة عام 1961 وذهب اىل بغداد للعمل مع اخلطاطين حتى عام 1969 حيث سافر اىل باري س للعمل ودرا سة الفن يف املدر سة العليا للفنون اجلميلة (البوزار) - ح صل عام 1975 على الدبلوم العايل من البوزار. - عام 1972 يعر ض عليه امل ستعرب الفرن سي كي جاكيه امل ساهمة يف حفالت شعرية حية امام اجلمهور باخلط على جهاز يعك س اخلط على شا شة كبرية. وين ضم فيما بعد اليهم املو سيقي فوزي العائدي وا ستمرت هذه احلفالت ملدة ثالثة ع رش عاما - صدرت له كتب عديدة منذ عام 1980 عن دور ن رش فرن سية كربى تتناول خطوطه احلديثة و درا سات عن اخلط العربي القدمي او لوحات خطية عملها كتزيني لن صو ص ادبية. واآخر كتاب صدر له يف باري س باللغة الفرن سية ميثل ملحات عن حياته يف العراق و سفره اىل اوربا ترجم فيما بعد اإىل اللغة اليطالية. - أاهم كتاب ن رشه عام 1981 باللغتني العربية والفرن سية حتت عنوان اخلط العربي دار ن رش فالماريون باري س. - ي ستمر يف ا ستعمال اخلط العربي مع الفنون الخرى بهدف تطويرتيار جديد يف اخلط العربي منذ عام 1980 وقد اأقام الع رشات من املعار ض سنويا. اقتنت الكثري من املتاحف واملدن خطوطه واأهمها متحف ال شارقة واملتحف الربيطاين ومتحف اوزاكا يف اليابان واملتحف الردين ومتحف بلزاك يف فرن سا وعدة متاحف هولندية وفرن سية. - و ل د يف جدة اململكة العربية ال سعودية عام اأحد كبار رجال الأعمال الدوليني على جميع امل ستويات املالية واخلريية. - موؤ س س ورئي س موؤ س سة MBI International اإحدى كربيات املجموعات القت صادية يف العامل. - حما رض يف العالقات الدولية والإدارة والتنمية امل ستدامة يف جامعة هوبكن س / وا شنطن والكلية اجلامعية / UCL لندن وكلية العلوم ال سيا سية ني س فرن سا. - املبعوث اخلا ص ملدير عام منظمة اليون سكو للت سامح والدميقراطية وال سالم. و رشيك اليون سكو يف العديد من م شاريعها الثقافية والرتبوية الكربى يف العامل العربي. - الناطق الر سمي با سم الأمم املتحدة ملنتديات احلكم الر شيد. - موؤ س س London Middle East Institute معهد الدرا سات ال رشقية وكر سي الدرا سات ال رشقية يف جامعة لندن.SOAS - موؤ س س وراعي MBI Al Jaber Foundation وهي املوؤ س سة التي ترعى العديد من امل شاريع الإن سانية والثقافية الكبرية عرب العامل مثل دعم اجلامعات وتوفري املنح الدرا سية وتطوير مناهج التعليم يف البالد العربية. - درجة الزمالة من جامعة اأك سفورد: Corpus Christi College, Oxford - درجة الزمالة من كلية: SOAS University of London City University London الدكتوراه يف العلوم من جامعة: شهادة - University of Wesminster الدكتوراه يف الآداب من جامعة: شهادة - - نائب رئي س املجل س ال ست شاري يف كلية سوا س: SOAS University of London - ع ضو يف جمل س الأمناء جلامعة اأك سفورد: Oxford University - نائب رئي س جمل س الأمناء جامعة )مودول( يف فيينا: MODUL University Vienna - ميدالية األيك سو الذهبية لدعمه الإ صالح الرتبوي يف العامل العربي ALECSO Gold Medal - م نح و سام ال رشف من قبل مدينة فيينا وكر مته موؤ س سة 2008 Institute Trialog Vienna مبنحه لقب شخ صية العام 2008 حلوار الثقافات والأديان كما م نح عددا من الأو سمة الرفيعة من دول خمتلفة. - ا نتجت عدة اأفالم تلفزيونية عن اأعماله. 2 ت رشين الثاين 2011 عدد 159 3

4 الراعي حممد بن عي سى اجلابر ال صحف ال رشيكة الأحداث - اخلرطوم الأيام - رام ال له الأيام - املنامة البلد - بريوت ت رشين - دم شق الثورة - صنعاء اخلليج - الإمارات الد ستور - عم ان الر أي - عم ان الراية - الدوحة الريا ض- الريا ض ال شعب- اجلزائر ال شعب- نواك شوط ال شم س- طرابل س الغرب ال صباح- بغداد العرب- تون س طرابل س الغرب ولندن جملة العربي - الكويت القاهرة - القاهرة القد س العربي - لندن الوطن - م سقط الهيئة الإ ست شارية أدوني س أحمد ال صي اد أحمد بن عثمان التويجري أحمد ولد عبد القادر جابر ع صفور جودت فخر الدين سيد يا سني عبد ال له الغذامي عبد ال له يتيم عبد العزيز املقالح عبد الغفار ح سني عبد الوهاب بو حديبة فريال غزول حممد ربيع مهدي احلافظ نا رص الظاهري نا رص العثمان نهاد ابراهيم با شا ه شام ن ش ابة مينى العيد MBI AL JABER FOUNDATION امل ؤ س س شوقي عبد الأمري املدير التنفيذي ندى دل ل دوغان سكرتاريا وطباعة هناء عيد املحرر الأدبي حممد مظلوم امل ق ر بريوت لبنان ي صدر بالتعاون مع وزارة الثقافة ت صميم و اإخراج Mind the gap, Beirut الإ ست شارات الفنية صالح بركات غالريي أجيال بريوت. املطبعة پول نا سيميان الإ ست شارات القانونية "القوتلي وم شاركوه - حمامون" املتابعة والتن سيق حممد ق شمر كتاب يف جريدة سنرت دلفن الطابق ال ساد س شارع شوران الرو شة بريوت لبنان تلفون/ فاك س )0( kitabfj@cyberia.net.lb kitabfijarida@hotmail.com عدد رقم 159 صدر هذا الكتاب عن الدار امل رصية اللبنانية 2009 خ ضع ترتيب أ سماء الهيئة الإ ست شارية وال صحف للت سل سل الألفبائي ح سب ل سم الأول. )2 ت رشين الثاين 2011( 4

5 نعم... العرب أي ضا قادرون مقدمة أاحداث معدودة كانت كفيلة بر سم معامل العامل يف العقد الأول على الأقل من القرن احلادي والع رشين اأهمها: انتهاء احلرب الباردة وانهيار املع سكر ال رشقي وبعده الحتاد ال سوفييتي والوحدة الأوروبية على م ستوى القارة وال صعود ال ساطع لل صني والهند بعد اليابان ثم كارثة احلادي ع رش من أايلول / سبتمرب وما تبعها من ا سرتاتيجية أامريكية جديدة عابرة للقارات. ترافقت هذه الأحداث مع م س ألة جوهرية يف التحول الذي شهده عاملنا وهو يدخل بخطى كبرية يف مرحلة القرية الكونية اأو رمبا كان نتيجة لها اأي ضا وهي النتقال إاىل ع رص ما بعد ال صناعي أاي ع رص تقني ات الت صال واملعلومات الرقمية وجمتمع املعرفة الذي سيثمر عنه منط جديد من العالقات القت صادية الجتماعية وال سيا سية. وبينما يدخل العامل يف الع رص ما بعد ال صناعي نرى العامل العربي ل يزال يبطئ اخلطى حتى يف دخول الع رص ال صناعي الذي اأ صبح من عامل املا ضي بل إانه يبقى عاملا م ستهل كا بامتياز... يلب س ما ل يحيك... ي أكل مما ل ينتج وي ستخدم ما ل ي صنع إاىل حد كبري. لكن هذا الو ضع الظاهر يخفي حتته تنوعا وتفاوتا بالغ ي التعقيد تعي شهما املجتمعات العربية. ورغم ذلك ف إن نظرة كثريين يف العامل إاىل هذه املجتمعات ل تزال نظرة جمتز أاة سلفية تعود إاىل زمن املواجهات الدينية وال ستعمارية ل ترى عند العرب غري النظام الإقطاعي واملجتمعات الأبوية وا ستعباد املر أاة وكره احلرية والتمي ز بالف ساد والطغيان. ول يرى أاولئك يف جمهرهم ال سلفي التغريات النوعية والديناميكية التي حترك بع ض رشائح جمتمعات العامل العربي وجتعلها تقفز فوق املراحل سعيا نحو التطور وحت سني ظروف احلياة واللحاق بالركب العاملي. هذا بالن سبة للمجتمعات العربية اأما املواطن العربي في شعر بالغربة يف جمتمعه... وهذا ال شعور ال سلبي يالزمه أاكرث ف أكرث كلما لحظ الفرق بينه كمواطن يف بالده وبني املواطنني يف بلدان العامل فهو يرى اأن املواطن الأوروبي اأو الأمريكي يت رصف يف بالده وك أنها بيته اخلا ص يحق له أان يفكر يف جتميلها وحت سني ظروفه فيها كما يحلو له. اأما العربي ب شكل عام في شعر بنف سه يف بيته غريبا... ويزداد هذا ال شعور بالغربة يف الوطن مع الفقر واجلهل مع أان البلدان العربية حتمل يف اأح شائها جزءا كبريا من خريات العامل وحتمل يف تاريخها جزءا كبريا من عقل العامل وح ضارته. ل ميكن للوعي اأن ي أتي من خارج الزمن والظروف املحيطة باملرء... وحتى ينتقل املواطن العربي من مرحلة ال شعور ال سلبي إاىل مرحلة املواطن احلر وال سيد و صاحب القرار يجب اأن يتحرر اأول من ثقافة امل ؤوامرة والقدرية وال سلفية واأن يعرتف بالآخر ويحرتمه اأي اأن يعي ش يف ع رصه مبعناه املادي واحل ضاري ويعود مواطنا منتجا يف جمتمع منتج فيخرج من عامل سلفي حو له اخليال اجلامد اإىل عامل مثايل ل عالقة له بواقع تلك الع صور الغابرة. علينا اأن نعرتف ب أن احل ضارات تنتقل شعلتها من اأمة ترهلت اإىل اأخرى ت سعى للتحديث والتطور ب أفكار جديدة واخرتاعات اأكرث تطورا تب رش بع رصنة جديدة. وكما يف املا ضي ف إن أاية حداثة جديدة ت صطدم مبقاومة النمط الفكري املعرب عن سابقتها ورف ض التغيري اأو القبول بالع رصنة ومواكبة التحديث وامل شاركة يف حركة احلداثة اجلديدة. واإذا اأردنا لأنف سنا فعال حت سني ظروف احلياة واللحاق بالركب العاملي فعلينا اأن نبداأ اخلطوة الأوىل ب إعادة النظر يف الوظيفة العامة وواجباتها الأدبية والأخالقية واأن ن ضع امل صلحة العامة فوق كل اعتبار واأن نعمل على متتع القوة العاملة ب صحة جيدة وتعليم جيد يلبيان حاجات املجتمع واقت صاده يف دولة يحكمها القانون. ويعني حكم القانون اأن قرارات احلكومات تتخذ يف اإطار الد ساتري ووفق القوانني والأنظمة املكتوبة واملعتمدة واأن تنفيذ اأحكام القانون ملزم للمواطنني كافة بال ا ستثناء ودون متييز يف التطبيق بني مواطن و آاخر ب سبب مركزه الجتماعي اأو وظيفته اأو جن سه اأو دينه اأو عرقه. كما يجب اأن تطبق القوانني من ق بل اإدارة عادلة م ستقلة ومهنية و شفافة وتكنوقراطية. وعلى املحاكم اأن ت صدر اأحكامها وفق القوانني ووفق العدالة اإذ دون اإطار قانوين شفاف ودون نظام اإداري وقانوين عادل ل ميكن حتقيق تنمية حقيقية كما ل ميكن حفز القطاع اخلا ص على ال ستثمار اإذا مل تكن هناك قوانني جتارية وا ضحة وقوانني جمركية وقوانني اتفاقات وعقود وقوانني حلماية املمتلكات اخلا صة واحلقوق الفردية حت رتم وت نفذ بنزاهة و شفافية لأن الغمو ض والتعقيدات والتناق ضات يف الأنظمة والقوانني أاو يف تف سرياتها اأو يف تطبيقاتها يجعل ال ستثمارات اخلا صة يف القت صاد الر سمي صعبة للغاية وهذا ما يدفع البع ض اإىل ال ستثمار غري الر سمي اأو العمل يف ال سوق ال سوداء الأمر الذي ي شجع الف ساد والغ ش واملح سوبية ويق ضي على املناف سة ال رشيفة. ويف الو ضع الأخري يكون الفقراء هم ال ضحية الأوىل لقت صاد ال سوق غري الر سمي وهو الو ضع الذي ي شكل عقبة ك أداء اأمام التنمية امل ستدامة وال ستثمار والتطور. ومن هنا تربز اأهمية و ضوح وتب سيط اأنظمة وقوانني الدول جتاه ال سوق و أانظمة العمليات ال ستثمارية وقوانني الئتمان والودائع و أانظمة ال رضائب وقوانني ال سوق وكذلك اأنظمة وقوانني اخلروج منه... كما يجب اأن تكون قوانني ال سوق حامية للعمال واملوظفني من ال ستغالل ومفتوحة و ضامنة لعمالة املراأة. وهذا الو ضع يتطلب املوافقة على وجود اآليات للحوار الجتماعي و أاخرى حلماية الفقراء و ضمان الأمن الغذائي. وحتى تكون هناك تنمية م ستدامة وتطور ل بد من دور رئي سي لال ستثمارات الوطنية املبنية على التوفري عرب ضمان وجود م ؤو س سات مالية ت ستطيع بفاعلية اأن تخ ص ص ر ؤوو س الأموال ل ستثمارات اإنتاجية. صحيح اأن ال ستثمار الأجنبي املبا رش يلعب دورا مهم ا يف امل سار التنموي ولكن كمكم ل لال ستثمارات املحلية ولي س بديال عنها. واأ صبح ال ستثمار يف را س املال الب رشي اليوم رشطا أا سا سي ا و رشطا م سبقا لأية تنمية اقت صادية ولأي تطور واإنتاج فعامل اليوم يتمي ز بال رسعة الفائقة يف جتديداته التكنولوجية وحتوله ال رسيع اإىل جمتمع املعرفة... وهكذا اأ صبحت مهارات العامل واملوظف حتتاج اإىل جتديد م ستمر بغية ا ستيعاب التحديثات والتجديدات الإلكرتونية والتكنولوجية... ف ل ستثمار يف التعليم والتدريب امل ستمر هو اليوم راأ س املال احلقيقي لالإنتاج والرثوة رشط حتقيق و ضمان النزاهة يف اخلدمة العامة والوظيفة العامة الأمر الذي يتطلب تطوير وتر سيخ ثقافة امل ؤو س سة بحيث ي صبح املوظف يف خدمتها ويف خدمة الدولة وامل صلحة العامة ل اأن تكون الدولة اأو املوؤ س سة يف خدمته. وبغية تر سيخ ثقافة املوؤ س سة... فعلى احلكومات اأن تلتزم ب أن يكون اختيار موظفي القطاع العام وموؤ س سات الدولة قد جرى ب شفافية ومو ضوعية وحيادية بحيث يتم جتن ب الو ساطة واملح سوبية والطغيان. كما اأنه على احلكومات اأن ت ضع نظاما يحول دون التناق ض يف امل صالح مع و ضع اآليات للمحا سبة وال شفافية و ضمان املناق صات النزيهة واملراقبة وحماربة الف ساد والغ ش والر شوة وهذا يتطلب ت شجيع مكاف أة النزاهة الوظيفية واملهنية العالية والإخال ص يف العمل واحرتام دليل الواجبات الأدبية و سنتطرق لذلك بتعمق يف الف صول القادمة بعد تقدمي ملحة تاريخية وبعد تعريف مفهوم العوملة. و سنتطرق اأي ضا ب شكل مف صل اإىل أاهمية ال رشاكة بني القطاع العام واخلا ص وما قامت به بع ض 2 ت رشين الثاين 2011 عدد 159 5

6 الدول الغربية من اإ صالحات وحتديثات بغية تطوير و سائل متجددة ومقاربات إابداعية ملواجهة م شكالت العوملة والبيئة والتنمية امل ستدامة اإذ إان املقاربة ال سليمة يف التنمية امل ستدامة هي تلك التي جتمع بني احرتام البيئة والعدالة الجتماعية إاىل جانب الفوائد القت صادية واملالية فالتنمية امل ستدامة ت ضيف قيمة اقت صادية واجتماعية وبيئية جديدة. وهذا يتطلب الدمج التدريجي لالقت صاد غري الر سمي يف القت صاد الر سمي عرب اإ صالح القوانني والأنظمة وتدعيم دور حكم القانون... وبالتايل جعل القت صاد ر سمي ا بف ضل خلق موؤ س سات م شرتكة ا ست شارية من القطاعني العام واخلا ص اإ ضافة إاىل إا رشاك ممثلني عن نقابات العمال واملوظفني وعن القت صاد غري الر سمي واأ صحاب الور ش بغية العمل معا لتحويل القت صاد غري الر سمي إاىل اقت صاد ر سمي. وحتتاج ال رشاكة بني القطاع العام واخلا ص اإىل م ساهمة خربات منظمات املجتمع املدين ومراقبتها وهذه املراقبة تتطلب اأي ضا التعاون يف جم لت التعليم والتدريب مع املوؤ س سات واملعاهد املهنية ومدار س اإدارة الأعمال بهدف حت سني املهارات وبناء اخلربات والقيادات للقطاعني العام واخلا ص... حيث يتمي ز القطاع اخلا ص بتمتعه ب إمكانات هائلة كامنة من اخلربة واملعرفة والعالقات املت شعبة وقدرته على ت صور حلول متجددة للعمل من أاجل التنمية امل ستدامة... ووفق هذه املقاربة الداعية إاىل التعاون وال رشاكة بني القطاعني العام واخلا ص ف إن جناحها وفاعليتها يتطلبان اأي ضا ا ستمرار دور نقابات العمال ومنظمات املجتمع املدين يف املراقبة والنقد البن اء لربامج العمل امل شرتك من أاجل التنمية امل ستدامة. ففي عامل اليوم تتحمل الدولة م س ؤوولية ضخمة يف اإدارة م سار الندماج يف القت صاد العاملي من جهة ويف حتقيق الأهداف القت صادية والجتماعية الوطنية من اجلهة الأخرى كما سرنى ذلك لحقا... فمن وظائف الدولة الأ سا سية توفري التعليم للجميع والعناية ال صحية واحرتام النظام والقانون ومراقبة ضمان احلماية الجتماعية وال ستثمار يف البنى التحتية املادية والجتماعية. كما تلعب الدولة دورا مهم ا يف احلد من ت أثري العوملة على اأ صحاب الدخل املحدود وكذلك على الدخل غري املتكافئ عرب ال رضيبة الت صاعدية والربامج الجتماعية. وتكت ل الدول يف سوق كبري هو اجلواب ال صحيح ل ضمان الأمن الجتماعي وال ستقرار والدخول بقوة يف املناف سة القت صادية ويف ال ستثمار يف جم لت البحث والتطوير... صحيح اأن العوملة ن ش أت وازدهرت يف فراغ اأخالقي حيث كان جناح اأو ف شل ال سوق وحده املعيار لل سلوك وفق مبداأ الرابح ي أخذ كل شيء وهو الأمر الذي دفع اإىل املطالبة بعوملة اأكرث اأخالقية. ل بد من التذكري ب أن تقل ص حواجز الزمان واملكان بف ضل تطور وانت شار التكنولوجيا احلديثة خا صة يف جم لت الت صال وو سائله واأن املعلوماتية هي التي خلقت الظروف املوائمة للعوملة ف لت س لت رخ صت تكلفتها وكذلك احلال بالن سبة لتكلفة حركة املعلومة بني النا س والب ضائع وراأ س املال عرب الدول والقارات ونتج عن ذلك انت شار وتو سع ال ستثمار اخلارجي املبا رش وظهور تدفق روؤو س الأموال عرب احلدود. وب سبب املناف سات املتزايدة يف الأ سواق العاملية ا ضطرت الدول اإىل تخفي ض العوائق واحلواجز الوطنية املفرو ضة على ال صفقات التجارية العاملية بغية حتريرها. وقد جعلت التكنولوجيا احلديثة من املعرفة عامال مهم ا يف الإنتاج واأ صبحت اليوم صناعات هاي تيك )التكنولوجيا الرفيعة امل ستوى( هي اأكرث القطاعات رسعة يف التطور القت صادي الأمر الذي يتطلب الت أكيد جمددا على القيمة ال سرتاتيجية لال ستثمار يف جمال التعليم والتدريب على اأكرب نطاق وخلق جمتمعات املعرفة. من اأجل الو صول اإىل هذه املرامي التي سبق ذكرها والتي نتطرق لها بتعمق وتف صيل يف ف صول هذا الكتاب ن أمل اأن ي ستمتع القارئ باطالعه عليها واعتبارها حماولة وجهدا شخ صي ا على اأمل اأن ت صبح م ساهمة مفيدة على طريق اإجناز الإ صالح والتغيري الهادف اإىل التحديث بغية امل شاركة العربية وامل ساهمة يف ح ضارة القرن الواحد والع رشين. واهلل من وراء الق صد. العرب بني الأم س واليوم... لكن ال ستعمار كان احلافز ليقظة العرب وقد اأثبتوا يف القرن الع رشين قدرتهم على املواجهة واملجابهة... على مدى ستة قرون كانت احل ضارة العربية ح ضارة عاملية منفتحة على ال شعوب كافة اأخذت إابداعات من ح ضارات قدمية وكي فتها يف البوتقة الإ سالمية ويف صلب ح ضارة اأمة متعددة وموح دة يف آان وكانت اللغة العربية هي احلاملة ل إالبداعات يف الفقه واحلديث وتف سري القر آان والنحو والبالغة وال شعر والفل سفة والت صوف والفلك وعلوم الريا ضيات والكيمياء والعلوم الطبيعية والتجريبية. وهكذا أابدع العرب وامل سلمون ثقافة عظيمة يف م سار الإن سانية وكان الإ سالم كدين وح ضارة وثقافة يه ضم ب سهولة الغزاة والربابرة عرب تذويبهم يف الدين واحل ضارة. ومل ي شهد امل سلمون حكم غريهم عليهم اإل يف فرتات ق صرية يف زمن املغول وزمن احلروب ال صليبية.. ف أما املغول فقد اأ سلموا بينما مت دحر ال صليبيني. واعتمدت احل ضارة الإ سالمية يف اأوجها بني القرن الثامن امليالدي والقرن احلادي ع رش على م ساهمة واإبداعات العرب بالدرجة الأوىل ثم الفر س. ثم جاءت لحقا م ساهمة الأتراك ذات الطابع الع سكري املميز لها بينما امتاز العرب والفر س بالنبوغ الثقايف وال سيا سي والعلمي. وبني القرن ال ساد س ع رش والقرن التا سع ع رش كان للم سلمني ثالث ممالك هي: الدولة العثمانية والدولة الفار سية واململكة املغولية يف الهند. ومل تهتم كل من الإمرباطورية العثمانية واململكة املغولية بالعلم والثقافة كثريا بل اأولتا الهتمام بالعلوم الع سكري ة والهند سية على العك س من الدولة الفار سية حيث تطورت نه ضة فكرية قام بها علماء ومفكرون كبار. لكن الفكر ال شيعي هذا اعتمد على التقليد ومل يعتمد على الإ صالح ف أ صبح الجتهاد هو م صدر التقليد واملجتهد الواعي هو مرجع التقليد والرجوع اإىل امل صادر والأ صولية ضد الإخبارية. كما برزت يف املجتمعات الإ سالمية حركات ومذاهب اإ صالحية اأهمها بال شك الوهابية )حممد بن عبدالوهاب ( التي سبقت كل احلركات الإ سالمية الإ صالحية الأخرى يف الإ سالم احلديث واأثرت عليها وكان ال شيخ حممد 6

7 بن عبدالوهاب امل صلح الديني الأ صيل والقوي يف اجلزيرة العربية يف القرن الثامن ع رش ومذهبه هو املذهب الوحيد غري املت أثر بالعامل اخلارجي وذو اندفاعة داخلية لالإ سالم. والوهابية ت ستعيد القراءة احلنبلية التي ت ؤوكد وحدانية اهلل عز وجل وقد سيته وهي ت ستبعد الأولياء والطريقة ال صوفية وت ستبعد تبجيل ال صحابة و آال النبي. ومثلما ا شتهر ابن حنبل اأي ضا مبقاومته لالعتزال ا شتهرت احلنبلية كذلك بو صفها القوة اجلدية الوحيدة يف مواجهة ال شيعة. وتزامنت الوهابية مع ظهور فل سفة التنوير الأوروبية 1720( )1770 وهي ظاهرة ثقافية وفل سفية تطورت يف الأ صل يف فرن سا واأملانيا وبريطانيا على مدى ن صف قرن تقريبا وطبعت ع رصها ب صفتها حركة مناه ضة للدين ومناه ضة للحكم املطلق وم ؤويدة لقوة العقل الالمتناهية. وتدعو فل سفة التنوير اإىل قطيعة مع الدين امل سيحي الأوروبي وما ضيه. اأما املفكرون امل سلمون املمثلون للنه ضة فلم يفكروا بظاهرة التنوير واحلداثة كقطيعة مع املا ضي. بل بالعك س فقد سعوا اإىل ربط العالقة مع املا ضي ومل ينظروا للتنوير مبنظار التقدم والتحرر من املا ضي املكبل واإمنا نظروا اإليه مبنظار نه ضة احل صان من كبوته. وهكذا بد أات النه ضة ب صفتها حركة لغوية اأدبية ناجتة عن الحتكاك ب أوروبا. ومن اأبرز رج لتها: بطر س الب ستاين )تويف 1883( ونا صيف إابراهيم اليازجي واإبراهيم الد سوقي وحممود سامي البارودي واأديب اإ سحق و إابراهيم املويلحي وما متيزوا به هو املعاجم وال شعر والأدب ومل يكونوا م صلحني اجتماعيني اأو دينيني بل كانوا م صلحني لل غة والأ سلوب واإعادة ا ستك شاف املا ضي للتعبري عن احلا رض فانتزعوا اللغة العربية من علماء الدين ووظفوها يف عامل العلمانية واحلداثة. اأما من ن هل من فكر التنوير الفل سفي املتزامن مع الكت شافات العلمية وانبثاق الدولة الوطنية والإ صالح الديني ف أ شهرهم الطهطاوي 1801( )1873 والكواكبي )املتوفى 1902( وخري الدين التون سي واأنطوان فرح وقا سم اأمني. وقد ازدهرت النه ضة يف م رص بف ضل جمال الدين الأفغاين وحممد عبده ور شيد ر ضا يف عهد اخلديوي اإ سماعيل ) ( ف صارت م رص هي مقر النه ضة فاحت ضنت انبعاث العروبة الثقافية مثلما ا ستقبلت تيار الإ صالح الديني. وكان هاج س هوؤلء العلماء واملفكرين هو النه ضة والإ صالح الديني وال سيا سي والجتماعي مبنظار حتديثي علماين عقالين. ول شك اأن م صطفى كمال يف تركيا وبورقيبة يف تون س ونا رص يف م رص قد ت أثروا بهذا التيار الإ صالحي النه ضوي الذي اأنبت مثقفني متنورين من اأمثال حممد ح سنني هيكل وعلي عبدالرازق ولطفي ال سيد و سالمة مو سى وطه ح سني.. ثم جاءت ال ستينيات وال سبعينيات من القرن املا ضي لتطرد الإ سالم من ساحة النقا ش. و أاخذ البع ض ميج د الثورة املارك سية والقومية وجم د البع ض الآخر اأيديولوجية التغيري الأمريكية اإىل اأن ا ستعادت الثورة الإيرانية املفهوم التقليدي للثورة الذي أانهى املعادلة امل ساوية بني الثورة والتقدم والتحرر من الدين واأ صبح مفهوم الثورة اخلمينية هو العودة ال رصيحة اإىل الإ سالم التقليدي. ويتميز الو ضع الراهن بوجود تيارين فكريني مت صارعني: الأول يدعو إاىل احلداثة والتفكري مب سائل مثل: الأ صالة واحلداثة العروبة والإ سالم الدميقراطية واحلرية والنه ضة واحل ضارة والتغريب. ورغم اأن هذا التيار ي سعى اإىل اإحالل مت صاعد للعقل الناقد اإل اأنه ل يزال قليل الإبداع. الثاين هو التيار الإ سالمي الذي ي سعى حتت شعار اإعادة اأ سلمة املجتمع اإىل حتويل الدين ملجرد هوية ثقافية تدعو اإىل تطبيق اأحكام العقاب يف ال رشيعة. وبهذا التوجه ي ختزل القراآن الكرمي عملي ا يف احلدود والعقاب دون الرتكيز على الإميان والأخالق والعقيدة البحتة. بل اجته هذا التيار اإىل جمال العمل ال سيا سي عرب ت أكيد الدين كهوية ثقافية و سيا سية فمج د اجلهادية كما تبن اها الفقهاء يف اأحكام كانت متما شية مع العهود القدمية ولكنها تتعار ض مع قيم احلداثة من حرية وحقوق اإن سان وحقوق املراأة. واأ صبح هدف هذا التيار هو الإطاحة بالنظم التحديثية من جهة واإعادة أا سلمة املجتمع من جهة اأخرى. ولكن هذا التيار الراف ض مبا رشة لالآخر يواجه تيارا اإ سالمي ا معتدل يحرك اأعماق الإ سالم ويدعو اإىل الإ صالح الذاتي والإنفتاح على الآخر واحلوار معه يف اإطار حوار الأديان واحل ضارات. وهذا التيار الو سطي واملعتدل يهدف اإىل التعاي ش بني الأديان وال شعوب ب سالم وتعاون وح سن جوار. ل شك اأن تعاقب املغول والتتار والعثمانيني على حكم العامل الإ سالمي قد اأحدث انهيارا يف احل ضارة والثقافة العربية الإ سالمية التي شهدتها دم شق وبغداد والقاهرة وبالد املغرب العربي. وتال هذا النهيار سبات عميق أاعاد اإىل املجتمعات العربية الإ سالمية القيم القبلية وال رصاعات بني القبائل والأقطار فانطوى كل بلد على ذاته و أاهمل متابعة ما يجري يف الغرب من حتولت بدءا من القرن ال ساد س ع رش. صحيح أان الإمرباطورية العثمانية قد خ ضعت لتعاليم القراآن وتبن ت الأعياد الإ سالمية واأ صبح ال سلطان ابتداء من القرن ال ساد س ع رش خليفة للم سلمني اإل أان هذه اخلالفة من غري العرب اأدت اإىل انف صام صلة اخلالفة باملا ضي العربي حيث يت ضافر النتماء الإ سالمي والنتماء العربي فالعثمانيون امل شهورون بحما ستهم احلربية قد اأعادة احلياة اإىل جبهة اجلهاد ومل تكن مرجعيتهم عربية وقد غلبت على اإميانهم ال شعائر الجتماعية ذات الطابع ال سطحي. اأما علم وؤهم فقد ا شتهروا يف جم لت الفنون املعمارية والهند سية والطبية ومل يولوا اهتماما خا ص ا للرتاث العربي الإ سالمي واللغة العربية كما كان حال البخاري والرتمذي والن سائي والطربي وجل هم من اأ صل اإيراين وكانت لغتهم عربية وتخ ص صوا باحلديث وتف سري القراآن وكتابة التاريخ الإ سالمي واعني التقاليد العربية والأن ساب. وهوؤلء اأحب وا الثقافة العربية الإ سالمية التي كانت ثقافتهم احلق وطو روها. ولذا فال مقارنة بني ال شعور الإ سالمي ملثل هوؤلء و شعور عامل تركي من القرن ال ساد س ع رش اأو ال سابع ع رش حيث انف صمت النخبة الرتكية عن عراها مع العروبة فهناك عامل ذهني ثقايف ب أكمله قد جهله العلماء العثمانيون حتى ولو برعوا يف اللغة العربية. وهكذا ساد الركود الفكري الديني والفل سفي بداية من القرن ال سابع ع رش حيث اأغلقت اخلالفة العثمانية باب 2 ت رشين الثاين 2011 عدد 159 7

8 الجتهاد. ورغم اأن جامعة الأزهر وجامع الزيتونة والقرويني قد حافظوا على املرياث القدمي اإل أان الركود الفكري ساده وكذلك اجلمود الفقهي. وقد أادى اإغالق باب الجتهاد إاىل املوت البطيء لت سع ع رشة مدر سة فقهية ساهمت يف تكييف الإ سالم مع التطور احل ضاري العربي الإ سالمي ويف بناء ع صور الزدهار احل ضاري. وقد اأد ى تفكك الإمرباطورية العثمانية إاىل اجتهادات فقهية وفتاوى ل ترتقي اإطالقا إاىل امل ستوى العلمي والديني والفل سفي للمدرا س الفقهية الإ سالمية ال سابقة. لكن ال ستعمار كان احلافز ليقظة العرب وقد أاثبتوا يف القرن الع رشين قدرتهم على املواجهة واملجابهة ومتكنوا من التحرر من ال ستعمار با ستثناء فل سطني التي بداأت ق ضيتها كم شكلة دولية ول تزال الظروف غري مواتية حلل دويل لها رغم ت ضحيات شعبها الكبرية واإ رصاره على التحرر وال ستقالل و رصاعه امل ستمر من أاجل البقاء. وهناك اأمل اأن ي ؤودي انتخاب اأوباما رئي سا للوليات املتحدة الأمريكية إاىل إاحداث تغيري يف ال سيا سة الغربية ل صالح اإيجاد حل دائم لل رصاع العربي الإ رسائيلي وللم شكلة الفل سطينية. صحيح أان العامل العربي بداأ ي قل ص تدريجي ا الهوة ال سحيقة مع الغرب ولكن رغم اإجنازاته الكبرية يف ن رش التعليم والتقدم ال صحي والبناء والت صنيع وحتديث الفالحة والزراعة ومواكبة التطور يف جمال الت صال والإعالم اإل اأن ه ما زال بعيدا عن امل ستوى القت صادي والعلمي والثقايف والتقني والع سكري للعامل الغربي فال يزال اأمام العرب حتدي الإبداع التكنولوجي والإلكرتوين والتقدم يف العلم ومنو القت صاد املنتج واملجدد. و صحيح اأي ضا أان للعرب لغة ودينا وثقافة موروثة ولكنها حاليا ل ت ساهم يف بناء الثقافة احلديثة فالثقافة املبدعة اليوم مل تعد اإ سالمية كما كان عليه احلال يف القرون الو سطى عندما كانت علوم القر آان واحلديث والفقه واأ صول الفقه والكالم والفل سفة والت صوف وكذلك علوم التاريخ والعلوم الطبيعية والفلك والعلوم التجريبية تقود العامل ثقافي ا إاىل حدود القرن اخلام س ع رش امليالدي فقد ماتت تلك الثقافة الدينية والدنيوية مع نهاية القرن اخلام س ع رش. اأما النتاج الإبداعي العربي اليوم اإذا ما نظرنا إاليه كمح ص لة عام ة ت شمل كل الدول العربية ولي س ك أفراد أابدعوا هنا وهناك وخا صة خارج العامل العربي يف خمتلف الأ شكال احلديثة ل إالبداع كال سينما والرواية وامل رسح والفنون الت شكيلية ناهيك عن الفل سفة والتاريخ والعلم والتكنولوجيا واملعلوماتية واملو سيقى والف ضاء اخلارجي. ف إننا جند هذا النتاج ل يرقى اإىل م ستوى امل ساهمة وامل شاركة الفعلية يف بناء الثقافة الإن سانية املعا رصة. ل تزال الثقافات العربية اإذن يف عمومها مطبوعة بتقليد ح ضاري منغر س يف التاريخ ويف احلنني اإىل املا ضي وفرز هويات ولغة وانتماء ديني والتفاخر وال ستهالك والتقليد دومنا تفاعل بني احل ضارة العربية الإ سالمية والثقافات املعا رصة. فاملرجو اليوم هو متابعة التقدم احلا صل يف الغرب يف املجال الفكري والعلمي والفني والأدبي ودرا سته وه ضمه ثم و ضع إا سرتاتيجية عربية ثقافية وح ضارية يف املجال العلمي والفكري والفني كما هو احلال يف ال صني والهند والربازيل. وما ي شجع على ال سري يف هذا الطريق هو الوعي العربي اجلديد والرتباطات القوية بني الأقطار وال شعوب والنفتاح الكبري احلا صل على التيارات اخلارجية والتوجه نحو امل شاركة يف اإن شاء جتمعات اإقليمية يحددها اجلوار واجلغرافيا وامل صالح القت صادية امل شرتكة. وهذا التوجه سي ساهم يف تخطي التجزئة من جهة و سيعزز الب ني التحتية من جهة اأخرى و سيويل القت صاد اأولوية على ال سيا سة. فدور الدولة اليوم هو أان ت صبح احلافز على التقدم املادي واملعنوي واإف ساح املجال اأمام املجتمع املدين أان يلعب الدور املنوط به فالدولة يف العامل العربي مل تعد كما كانت يف ال ستينيات وال سبعينيات من القرن املا ضي. لقد كانت يف زمن الثورات وال ستقالل مفرطة يف أاهدافها وطموحاتها. وكان يعرتي قادتها ال شعور بتملك احلقيقة املطلقة ومل تت سامح مع من يخالفها الراأي. و شعور متلك احلقيقة جعل كل الثورات تلج أ اإىل القمع ومناه ضة الدميقراطية وطو ر لديها العقدة ال شعور ب ل ضطهاد جتاه الداخل واخلارج خا صة واأنها ت أ س ست على مثال النظام ال شيوعي واختلقت ق ضايا كربى التفت حولها اجلماهري بعواطفها. وهكذا وبعد ال ستقالل صار احلديث ال سائد هو خطاب الثورة ولي س حديث الإ صالح ف أ صبح توكيد الذات الثورية و سكرة التجديد ورغبة التغري ل تدع جم ل للتخطيط العلمي والواقعي اأو اإىل و ضع ا سرتاتيجيات طويلة الأمد من أاجل التنمية والتحديث. ونتيجة لتلك ال سيا سات غري الواقعية واملفرطة ب أهدافها فقد اأ صبحت الدولة اليوم يف معظم البالد العربية خا صة الثورية سابقا عاجزة عن القيام مب سوؤولياتها. وبالتايل اأ ضحت تتخلى عن تلك الأهداف املفرطة تدريجي ا ونتج عن ذلك قطيعة تدريجية بني الدولة وال شعب وبداأ ال شعب يعي ش على هام ش الدولة. وقد ا ستغلت احلركات الإ سالمية ذلك واأ صبحت تتمو ضع بني الدولة وال شعب م ستغلة القلق العام جتاه امل ستقبل وحماولت الدول الكربى الهيمنة على الدول ال ضعيفة با سم القت صاد تارة وبا سم اأيديولوجية حقوق الإن سان تارة اأخرى. وبع ض الدول تنظر اإىل الدميقراطية ك أداة ميكانيكية ف أخذت مبظاهرها اخلارجية كالتعددية احلزبية والربملانية والنتخابات وحكم الغالبية ومل ت أخذ امل ضمون الأ سا سي األ وهو الإن سان كقيمة عليا وبالتايل الكرامة الإن سانية وال ضمري الإن ساين واحلرية الإن سانية كقيم اأ سا سية لكل دميقراطية. والدميقراطية ت بنى على توازنات دقيقة بني الفئات الجتماعية وم صاحلها فهي بالتايل ت ستبعد العاطفة ول تلج أ لو سائل القمع كما كان احلال بالأنظمة ال شيوعية ويف الدكتاتوريات العاملثالثية وبع ض الأنظمة املتم سكة بالأ ساليب ال سلطوية عرب طرح اإ شكاليات الهوية اأو الرتاث اأو القومية أاو احلداثة اأو الإ سالم ال سيا سي وهي يف احلقيقة عاجزة عن طرح امل شكالت احلقيقية مما جعلها ه شة وعر ضة اأمام التدخالت اخلارجية كما ح صل يف اأكرث من دولة عربية فامل شكالت احلقيقية التي تواجه امل سار التنموي يف املنطقة العربية هي يف الأ سا س م شكالت اجتماعية واقت صادية وثقافية فالفقر وتدهور اأحوال ال سكن بالإ ضافة اإىل عدم كفاية اخلدمات الجتماعية وال صحية ونظم احلماية الجتماعية ت شكل عقبات خطرية اأمام التنمية يف العامل العربي ب شكل عام. ووفق تقديرات البنك الدويل وبرنامج الأمم املتحدة الإمنائي ف إن الفقر يزداد من ناحية العدد ومن حيث الدخل خا صة يف البلدان متو سطة الدخل يف امل رشق واملغرب. وي شكل التفاوت باملداخيل والتوزيع املختل لها اجتاها متزايدا اأي ضا يف تلك الدول. ومن اأكرث امل شكالت اإحلاحا هو ا ستمرار ارتفاع م ستويات بطالة ال شباب والإدماج الناجح للمراأة يف أا سواق العمل العربية علما ب أن حتقيق جناح على جبهتي ال شباب واملراأة اأمر يف غاية الأهمية بالن سبة ل ضمان ا ستمرار التنمية وبغية تخفيف حدة الفقر. هناك اأي ضا م شكلة العمالة يف دول جمل س التعاون اخلليجي اإذ اأ صبحت البطالة من ال شواغل الوطنية فهيمنة قطاع البرتول والطاقة الذي ل يحتاج اإىل عمالة كبرية من جهة وق ضية اليد العاملة الأجنبية من جهة اأخرى والتي تفوق اليد العاملة الوطنية قد خلقت م شكلة اإ ضفاء الطابع الوطني على اليد العاملة ناهيك عن م س ألة اإ ساءة معاملة العمالة الوافدة وانتهاكات حقوق الإن سان وغياب قيمها لدى اأرباب العمل. اأما على ال صعيد الإقليمي فم شكلة البطالة ترتبط بنوعية التعليم وعدم التطابق بني مهارات اخلريجني ومتطلبات سوق العمل. صحيح اأن العامل العربي قد اأحرز تقدما يف عديد من املج لت كما متت الإ شارة اإىل ذلك غري اأن هذا التقدم يختلف من منطقة اإىل اأخرى فهناك تفاوت يف التنمية وتباين يف التطور بني الدول العربية بل وداخل البلد الواحد. وعلى الرغم من التقدم احلا صل ف إن هناك حواىل 20% من الأطفال يف سن الذهاب إاىل املدر سة مل 8

9 يلتحقوا باملدار س و 45 مليونا من الن ساء البالغات الالتي جتاوزن سن ال 16 سنة ل يقراأن ول يكتنب. ومع ذلك فقد شهد و ضع املر أاة تقدما مهما يف جمايل ال صحة والتعليم يف اخلم سني سنة الأخرية. ولكن هذه املكا سب مل تقرتن ب إجنازات مماثلة يف جمايل العمل وال سيا سة فال يزال معدل الن شاط القت صادي وال سيا سي للمر أاة العربية من أادنى املعدلت يف العامل. ويعود ذلك إاىل عدة عوامل اجتماعية وثقافية واقت صادية منها: بطء النمو القت صادي و ضعف الطاقة ال ستيعابية ل سوق العمل والأطر القانونية والنظم الجتماعية والعادات والتقاليد. ويف البلدان التي تتوافر فيها للمراأة فر ص أاكرث للعمل املدفوع الأجر فغالبا ما جتد فر ص عمل يف قطاعات ال صحة والتعليم واخلدمات. كما اأن املر أاة ممثلة متثيال ضئيال يف الأحزاب ال سيا سية ونقابات العمال وهذا يعني أان متكني املر أاة ل يزال يتطلب جهودا كبرية ول بد من التنويه إاىل أان التمكني ال سيا سي للمر أاة يجب اأن يتجاوز التعيني الرمزي لينطوي على م ستويات فعلية يف جمال صنع القرار وو ضع ال سيا سات. بل اإن امل ساواة بني اجلن سني عن رص ل يتجزاأ من عنا رص التنمية. ومن ال رضوري تنقيح الت رشيعات وفقا لالإعالنات الدولية ب ش أن حقوق املر أاة والتي صادقت عليها الدول العربية اأو صوتت ل صاحلها يف اأروقة الأمم املتحدة ثم يجب إازالة العقبات التي متنع املر أاة يف بع ض الدول العربية من امتالك الأر ض أاو م رشوع جتاري خا ص بها اأو احل صول على الئتمان. كما يجب األ ت صبح اإجازة الأمومة عقبة اأمام ا ستخدامها. ومع اأن املر أاة اأكرث عر ضة للبطالة من الرجل ف إن عدم امل ساواة بني اجلن سني يظهر بطرق اأخرى كالفجوة يف الأجور والعزل املهني والتمثيل املفرط للمر أاة يف العمالة غري الر سمية حيث اأ ضحت يف الأخرية اأقل العمال غري الر سميني ظهورا تنتج وتبيع ال سلع يف البيت. والقت صاد غري الر سمي اأو غري املنظم اأ صبح هو الآخر من امل شكالت امل ستع صية التي تواجه القت صاد الر سمي الهادف إاىل حت سني اجلودة الإنتاجية وزيادة النمو القت صادي. ويتميز العمل يف القت صاد غري الر سمي )غري املنظم( بانخفا ض م ستويات املهارات والإنتاجية وبدخول خمف ضة اأو غري منتظمة و ساعات عمل طويلة وبظروف عمل غري م أمونة وغري صحية ونق ص احل صول على املعلومات أاو النفاذ إاىل الأ سواق والتمويل والتدريب والتكنولوجيا. والعمال يف القت صاد غري املنظم هم باعة ال شوارع الذين يعملون على قارعة الطريق مثل: باعة اخل رض والفاكهة واللحوم والأ سماك والأغذية ال رسيعة و أاعداد ل ت عد ول حت صى من ال سلع. ثم هناك اأي ضا احلم الون والباعة املتجولون. ويعمل العمال غري النظاميني الأقل ظهورا يف املتاجر والور ش ال صغرية مثل: ور ش ت صليح الدراجات واإعادة ا ستخدام اخلردة و صنع الأثاث ودباغة اجللود ورتق الأحذية أاو تلميعها ون سج الأقم شة و صباغتها و صنع املالب س و صقل الأحجار الكرمية وغري ذلك كثري. ثم هناك أاي ضا عمال عر ضي ون يف املطاعم والفنادق وحرا س املباين والعمال اليدوي ون عر ضا اأو باليومية يف قطاعات الت شييد والزراعة ومعاونو املكاتب املوؤقتون. ويف الوقت الذي ي شكل فيه العمال غري الر سميني اقت صادا موازيا لالقت صاد الر سمي للدولة اإل اأنهم غري معرتف بهم ول يتم ت سجيلهم أاو تنظيمهم اأو حمايتهم وفقا لت رشيع العمل واحلماية الجتماعية. ويعود ذلك اإىل الغمو ض الذي ي شوب و ضع ا ستخدامهم وهم بالطبع ل يقدرون على ممار سة حقوقهم الأ سا سية اأو الدفاع عنها. وكثريا ما يتم ا ستبعادهم من التعليم والرعاية ال صحية. وهذه الفئات من العمال تنزح لل سكن يف املدن أاو حولها مما ي شكل جهدا اقت صادي ا واجتماعي ا كبريا على املدن والدولة وهي معر ضة كذلك للم ضايقات مبا فيها التحر ش اجلن سي والف ساد والر شوة. ثم اإن سلع وخدمات القت صاد غري الر سمي ضعيفة اجلودة فهي ل تتقيد بال رشوط القانونية والإجرائية مثل ت سجيل املن ش آت والرقابة على اجلودة. اإن عدم كفاية املنزل والغذاء لدى عمال القت صاد غري الر سمي وعدم سالمة املياه واملرافق ال صحية ال سيئة وظروف العمل اخلطرة وعدم احل صول على الرعاية ال صحية ت سهم كلها يف اعتالل ال صحة. وهذا ما ي شكل أاحد الكوابح الأ سا سية للتنمية ويزيد من الفقر ويوؤدي اعتالل ال صحة اإىل هبوط القدرة على العمل وانخفا ض الإنتاجية وانخفا ض العمر املتوقع. كما اأن عمل الأطفال وا ستغاللهم يف القت صاد غري الر سمي يوؤدي اإىل حرمانهم من التعليم واإىل اإدامة الفقر املنزيل ويبطئ من النمو القت صادي والتنمية الجتماعية ناهيك عن خمالفته ال صارخة واملجر مة حلقوق الطفل. كثريا ما يرجع منو القت صاد غري الر سمي اإىل عدم تنفيذ القوانني وال سيا سات على نحو صحيح وفاعل اأو اإىل وجود اأطر قانونية وموؤ س سية غري مالئمة وغري فاعلة ورغم اأن اأن شطة كثرية يف القت صاد غري الر سمي تظهر قدرا من الديناميكية والبتكار اإل اأنها تفتقد الأمن والعرتاف الر سمي بها. ومن أاجل ك رس رشك القت صاد غري الر سمي ف إنه ل بد من و ضع سيا سة عامة وا سرتاتيجية ل ستيعابه التدريجي ودجمه يف القت صاد غري الر سمي وهذا يتطلب حتديد وعالج الأ سباب الأ سا سية للن شاط غري الر سمي الأمر الذي يحتاج اإىل ا ستثمار كبري يف التدريب والتعليم وو ضع سيا سات للق ضاء على ال ستبعاد من القت صاد الر سمي واإ صالح وتو سيع متدرج لالأطر التنظيمية امل ستخدمة يف القت صاد الر سمي. ومثل تلك ال سيا سات التجارية والقت صادية التي توفر اإدارة عامة كفوءة خا ضعة للمحا سبة ومتحررة من الف ساد هي سيا سة ر شيدة لها أاهمية حمورية ل ستثمار القطاع اخلا ص سواء كان حملي ا اأو اأجنبي ا ف إدارة سوق العمل هي م سوؤولية م شرتكة بني احلكومات وموؤ س سات القطاع اخلا ص والعمال عرب نقاباتهم. وعلى هذه الأطراف الثالثة تقع م سوؤولية و ضع وتغيري وتطبيق القواعد املتعلقة بالعمل والق ضايا املت صلة به. ثم هناك حاجة اإىل زيادة املوارد لتوفري ال سلع العامة التي حتتاجها البلدان العربية اأي البنى الأ سا سية للنقل واملوا صالت واإدارة املياه وامل صارف ال صحية والطاقة وال ستدامة البيئية وتن سيق ومواءمة ال سيا سات والإجراءات التجارية وت سوية النزاعات وبناء ال سالم. واإذا كانت م شكالت الفقر والبطالة والهجرة حتديات كبرية تواجهها بلدان مثل املغرب وم رص فامل شكالت يف العراق وفل سطني هي بالدرجة الأوىل اإنهاء النزاعات والحتالل وحتقيق ال سالم وبناء موؤ س سات عامة فاعلة وتعزيز املجتمع املدين والتنمية القت صادية. ول تزال اجلزائر وال صومال وال سودان تعاين من اإرهاب ونزاعات داخلية اأي ضا. ويف دول اخلليج تت سم م س ألة ال ستدامة سواء كانت اقت صادية أاو بيئية اأو اجتماعية ب أهمية حمورية ت ستدعي العمل على ا ست رشاف أافق امل ستقبل. ورغم الفروق يف التقدم ف إن البلدان العربية تواجه جمموعة م شرتكة من الق ضايا والتحديات: ال سالم والأمن وحل الق ضية الفل سطينية والق ضاء على 2 ت رشين الثاين 2011 عدد 159 9

10 الفقر والتنمية واإق مة رشاك ت اإقليمية ومتو سطية تك ملية واحرتام حقوق الإن س ن والدميقراطية واحلكم الر سيد وحم ية البيئة. )وقد بحثت قمة الكويت القت س دية ين ير 2009 ج ل تلك الق س ي (. ويجب األ يغيب عن الب ل اأن املنطقة العربية سجلت يف بداية العقد الأول لالألفي ة الث لثة واحدا من اأدنى املعدلت لن سيب الفرد من الن جت املحلي الإجم يل وانعك س ذلك النمو ال سعيف يف بطء التقدم يف التنمية الب رشية ب ملق رنة مع املتو سط ب لن سبة للبلدان الن مية الأمر الذي يتطلب حت سني الإنت جية وتنويع القت س دات وت سجيع ا ستخدام العلم والتكنولوجي والبتك ر فيه وكذلك حتقيق تك مل اإقليمي اأكرب كم دعت اإىل ذلك قمة الكويت. املطلوب اإذن حت سني الإنت جية يف قط ع ت القت س د ك فة وخ سة الزراعي منه عرب زي دة ال ستثم ر يف الهي كل الأ س سية مب يف ذلك اإمدادات املي ه والط قة واخلدم ت الجتم عية الأ س سية لتح سني الدخول الزراعية. كم ينبغي ت سجيع اإق مة رشاك ت ع ملية واإقليمية تعتمد على امل س ءلة وامل سوؤولية املتب دلة. وميكن اإن س ء رشاك ت اإقليمية عن طريق التع ون يف توفري البنى الأ س سية للنقل والط قة واإدارة املي ه ومن خالل ا سرتاتيجي ت م سرتكة لإدارة جمموعة من الق س ي البيئية الإقليمية اأو الدولية. ومن س أن دمج الأ سواق العربية يف سوق عربية م سرتكة اأن يجعل املنطقة اأكرث ج ذبية ب لن سبة للم ستثمرين يف الع مل ويخلق فر س عمل ودخل. ل بد من التنويه ب أن املوؤ س س ت الدميقراطية ل تزال سعيفة واأن املوؤ س س ت الع مة سديدة املركزية مم يحد من قدرته على تلبية احتي ج ت ع مة الن س واهتم م تهم. ويجب عمل املزيد ل سم ن اإجراء انتخ ب ت حرة ونزيهة و سم ن احلري ت املدنية وحرية ال سح فة وال سف فية وامل س ءلة واإقرار حكم الق نون والف سل الك مل بني ال سلط ت الت رشيعية والتنفيذية والق س ئية. ولدى احلديث عن سم ن حقوق الإن س ن يجب التذكري ب أن ق سية الالجئني والن زحني والعم ل امله جرين يف الوطن العربي مل حتظ ب لقدر الك يف من الهتم م فهم يتعر سون للتهمي س والتمييز وانته ك حقوقهم الجتم عية والقت س دية واملدنية. ويبقى اأخريا العرتاف ب أن العوملة والندم ج يف القت س د الع ملي هو التحدي الأكرب الذي يواجه الدول العربية. فما لعوملة وما نو ق ضها وفو ئدها و أخالقياتها هذا م سيع جله الف سل الث ين من هذا الكت ب. الع ملة فر سة لنه سة عربية حقيقية... ل بد من العرتا± باأن الع ملة رZم ن اق سها وم ساوئها فقد فتحت الباب على ف ائد جمة لالإن سان... قبل التطرق اإىل سوؤال النخراط يف العوملة اأم ل فقد يكون من املفيد ب دئ ذي بدء حم ولة تعريف هذا امل سطلح القت س دي احل س ري ال سي سي والثق يف وا ستعرا س تطوره الت ريخي واآف قه الراهنة وامل ستقبلية انطالق من املبداأ الذي يعترب اأن احلداثة الإن س نية سواء سم يت روم نية اأو اإ سالمية اأو نه سة اأو ع رشنة اأو عوملة لي ست ملك حل س رة بعينه دون سواه فحركة الت ريخ لي ست حكرا على اأية ح س رة بل يف اإمك ن اأي سعب اأن ي س رك يف حركة احلداثة مواكبة اأو نقدا اأو م س همة اأو اإبداع اأو ابتك را. اإذن ف لعوملة هي يف الأ س س ظ هرة ترمي اإىل زايدة اندم ج القت س دات يف نظ م ال سوق ذي البعد الع ملي وب لت يل فهي توؤثر يف ف س ء القت س د احلقيقي )الإنت ج وال ستهالك واخلدم ت( ويف الف س ء امل يل )العملة وراأ س امل ل(. اأثن ء احلرب الع ملية الث نية وبعده ق م احللف ء مب سعى جتديد تنظيم الف س ء القت س دي الع ملي والعودة اإىل التب دل احلر وتخفي س احلواجز اجلمركية التي ح لت دون ت سدير وا سترياد الب س ئع بني الدول. وك ن هدف احللف ء من وراء ذلك و سع حد حلم ية ال سوق التي س دت يف فرتة احلربني الع مليتني و سكلت سبب يف التن ق س ت ال سي سية التي س همت يف الإ رشاع ب سن احلرب. ويف اإط ر هذا امل سعى مت اعتم د التف قية الع مة اخل سة ب لتعريفة اجلمركية )ج ت( ع م General( 1974 Trades and Tariff on Agreement )GATT والتي حددت رشوط اللعبة للتج رة الدولية وفق مبداأ التب دل احلر. و سبق اعتم د ال ج ت ب سنوات اإع دة تنظيم وت سكيل نظ م املدفوع ت الدولية وتب دل العمالت يف موؤمتر woods Bretton ع م 1944 والذي نتج عنه ت أ سي س البنك الدويل و سندوق النقد الدويل. وهكذا. ومنذ اخلم سيني ت من القرن امل سي بداأت عملية تدويل القت س دات وتدريجي تو سع هذا التدويل من جمرد تب دل الب س ئع اإىل تب دل اخلدم ت )امل س رف والت أمني( وق مت ال رشك ت الكربى بنقل روؤو س الأموال كودائع اأو ك ستثم ر. بعد انهي ر الحت د ال سوفييتي فقط وم نتج عنه من رشعة يف الع ملية ظهر يف ت سعيني ت القرن امل سي م سطلح العوملة وك ن البع س ين ديه الكونية )Globalization( وتعني اندم ج القت س دات يف اقت س د كوين واحد. وقد اأثرت العوملة يف اأ سواق الب س ئع وال سلع واخلدم ت وامل س در امل لية وم س رات الإنت ج بدءا من الت سميم اإىل التنفيذ والإجن ز. ي ستثنى من ذلك بع س ال سلع التي ح فظت على امل ستوى الوطني. اأم الغ لبية العظمى ك لبرتول واحل سوب وال سالح وو س ئل الت س ل وال سن عة ال سينم ئية فقد اأ سبحت م ع وملة مت م. ولدت العوملة بف سل التق ء اأو تزامن اأربعة عوامل رئي سية: لعامل لأول: ذو ط بع موؤ س س تي نتج عنه يف اإط ر اتف قي ت اجل ت )GATT( تخفي س التعريفة اجلمركية من 40% ع م 1940 اإىل 5% ع م 1998 وقد مك ن هذا التخفي س من تقلي س العقب ت التي حتول دون تب دل دويل للب س ئع وال سلع وهو الأمر الذي س هم يف تطوير وازده ر التج رة الدولية. و لعامل لثاين: نتج عن التطور التكنولوجي والإلكرتوين الذي سهده الع مل يف الربع الأخري من القرن الع رشين. وقد اأدى هذا التطور اإىل انخف س تكلفة ال سحن ونقل الب س ئع واملواد واإىل ت سهيالت وجتديدات يف اخلدم ت امل رشفية والت أمني واأ سواق امل ل بف سل ا ستيع ب احل سوب واملعلوم تية وتقني ت الت س ل احلديثة. اأم لعامل لثالå : فيتعلق ب سرتاتيجي ت ال رشك ت الكربى التي حتولت تدريجي اإىل ع برة للق رات بف سل زرع فروع له يف عدة دول وبف سل عوملته مل س رات الإنت ج. ونتج عن تلك ال سرتاتيجي ت اأن اأ سبحت ن سبة 40% من التج رة الع ملية تتداول بني تلك ال رشك ت الكربى. ويرجع الع مل الرابع اإىل اإع دة ت سكيل الف س ء القت س دي الع ملي: فمنذ انته ء احلرب الع ملية الث نية اإىل ع م اأزمة البرتول يف 1974 ك ن القت س د الع ملي م س ك ال يف جمموع ت ثالث: جمموعة الدول املتطورة ذات اقت س د ال سوق و سملت: اأمريك ال سم لية وكندا ودول اأوروب الغربية والي ب ن. وجمموعة الدول ال سرتاكية التي سمت الحت د ال سوفييتي س بق ودول اأوروب ال رشقية ثم جمموعة الدول الن مية يف اآ سي واأفريقي واأمريك الالتينية. بعد انهي ر الحت د ال سوفييتي وبف سل عملية الت سنيع يف بع س الدول الآ سيوية وبع س دول اأمريك الالتينية ظهرت ت سكيالت اقت س دية جديدة عرفت ب لدول ال س عدة مثل تن نني اآ سي الأربعة )كوري و سنغ فورة وت يوان وهو كو ( اأو النمور ال سبعة لحق والربازيل وال سني والهند ورو سي وبع س دول اأوروب ال رشقية واأمريك الالتينية وهن ك احتم لت قوية لأن ت سبح م رش اأي س من بني تلك الدول ال س عدة. سحيح اأن تطور ال رشك ت اإىل خ رج حدود دوله لي ست ب لظ هرة اجلديدة وخري مث ل على ذلك رشكة سل الهولندية الأ سل والتي بداأت يف التنقيب عن البرتول خ رج هولندا منذ اأواخر القرن الت سع ع رش. ثم هن ك ال رشك ت متعددة اجلن سية والتي ظهرت بعد احلرب الع ملية الث نية وبداأت ب متالك فروع له يف دول عدة ثم ال رشك ت الكونية التي ظهرت يف الثم نين ت من القرن امل سي وطورت ا سرتاتيجي ت كونية لالإنت ج 10

11 والتوزيع دون اأخذ امل س لح القت س دية للدول بعني العتب ر اأو الرتب ط به. غري اأن تلك ال رشك ت متعددة اجلن سية اأو الكونية قد سكلت ح فزا وحمرك دافع لعوملة القت س د. ونظرا لأن ال سوق قد اأ سبحت ع ملي ة فك ن ل بد من منطية واحدة وموحدة لل سلع والب س ئع وب لت يل اختف ء الطلب ت ذات الأذواق املرتبطة ب لثق ف ت الوطنية اأي اإن ا سرتاتيجية الت سويق عرب ال سح فة وو س ئل الإعالم الت بعة مبعظمه لل رشك ت الكربى وامل س رف قد اأهملت اخل سو سي ت الثق فية مت م لتقدم سلع منطية ع ملية مثل م كدون لد ليفيز Levis كوك كول... اإلخ. كم اأدى تدويل تب دل الب س ئع واخلدم ت وعوملة تب دل روؤو س الأموال اإىل منو ظ هرة جديدة هي الكونية امل لية وهو الو سع الذي سمح بت أ سي س سوق موحدة لراأ س امل ل على امل ستوى الع ملي خ سة واأن الدول املتطورة قد عط لت تطبيق الأنظمة الوطنية مم فتح احلدود ومك ن حرية تدفق راأ س امل ل على امل ستوى الع ملي. وقد س هم ذلك يف مزيد من ال ستثم ر والنمو القت س دي وخلق فر س عمل جديدة. واعتمدت الكونية امل لية يف تطويره على ثالثة عوامل هي الأول: عدم ح جة ال رشك ت اإىل و سيط م رشيف للح سول على قرو س لال ستثم ر يف ن س ط ت جديدة اإذ ميكنه التوجه مب رشة اإىل الأ سواق امل لية والث ين: ن جت عن اإلغ ء الأنظمة الوطنية يف جم ل تنقل روؤو س الأموال من بلد اإىل اآخر مم اأدى اإىل حتقيق الهدف يف حرية تدفق راأ س امل ل على امل ستوى الع ملي. واأم الث لث: فيعود اإىل اعتم د املرونة احلدودية بني اأ سن ف ال سوق مم ميكن من النتق ل من سوق نقدية اإىل سوق م لية ومن سهم اإىل اآخر ومن عملة اإىل اأخرى سعي وراء الربح وال ستثم ر امل جدي. اأدت هذه العن رش والعوامل اإىل تو سيع ب س ط العوملة وتي سري ان سي ب ال سلع والب س ئع حتقيق للمن ف سة مم س هم يف تقدمي سلع تتمي ز ب جلودة الع لية والأ سع ر الرخي سة. ولكنه اأدت اأي س اإىل انهي ر ال سوق امل لية كم سرنى يف الف سل ال س د س. ومن ال سم ت الكربى التي تت سم به العوملة: ت س رع عجلة التقدم التكنولوجي وتقلب ت الطلب اخل رجي وتغري اأمن ط التب دل التج ري وا ستداد املن ف سة يف الأ سواق الداخلية واخل رجية والتغريات يف تدفق ال ستثم ر الأجنبي واأمن ط الهجرة. وهي سم ت تعزز جميعه احل جة اإىل تكيف املن س آت وقدرة سوق العمل على ال ستج بة ول بد اأي س من توافر بيئة موؤاتية لتنمية املن س آت وال رشك ت و سري سوق العمل ب سكل سليم وو سع سي س ت مالئمة يف جم ل اإع دة الهيكلة والتكيف لتحقيق العمل الالئق وتوليد معدلت منو ع لية وم ستقرة. وتتعر س كل القت س دات لعملي ت تكيف م ستمرة يف الإنت ج نظرا لتف وت معدلت النمو القط عية وتغري التكنولوجي ت واأمن ط التب دل التج ري وتقلب الطلب املحلي. وتتف عل هذه العن رش مع م يطراأ من تغريات على القوى الع ملة كزي دة م س ركة الع مالت ومنو العم لة غري الر سمية. وتقت سي ال ستج بة اإىل هذه التغريات اعتم د سي س ت ت سمل: ت سجيع البتك ر التكنولوجي واإع دة هيكلة املن س آت وال رشك ت وتوفري املعلوم ت ب س أن سوق العمل والنهو س ب مله رات واعتم د سي س ت سم ن اجتم عي ف علة واإر س ء نظ م سليم للحوار الجتم عي واأن توؤدي الدولة دورا ح سم يف اإن س ء اإط ر موؤ س سي م وؤات للتوفيق بني ح جة املن س آت والعم ل ومتطلب ت القت س د الع ملي املتغرية. ويف ع مل ي سكل فيه انفت ح القت س دات الوطنية على الأ سواق الع ملية حتدي لل سي دة ال سي سية للدولة ف إن احلوار الجتم عي يو سع القدرة على اختي ر م س راته اخل سة سوب النمو امل ستدام ذي البعد الجتم عي. ومبقدور احلوار الجتم عي اأن ي س عد ب لنتع س من ال سدم ت امل لية واأن ي س عد على تهيئة الظروف لتجنب احتم لت حدوث ا سطراب ت م ستقبلية ف حلوار الجتم عي يوؤدي اإىل طم أنة امل ستثمرين املحليني والأج نب. اإل اأن حتقيق ال ستقرار امل يل ل ينبغي اأن يكون على ح س ب ال ستقرار الجتم عي وال سي سي. ل سك اأن اأحد التحدي ت الرئي سية التي تواجه البلدان الن مية ب سكل ع م هو حتقيق درجة و سكل من اأ سك ل النمو واحلف ظ على ا ستمرارهم على نحو يتم سى مع حتقيق خف س كبري يف معدلت الفقر. ويف ع مل اأ سبحت فيه القت س دات تتجه ب سورة متزايدة نحو التك مل ف إن ال سرتاتيجي ت الوطنية املح سة التي تتوخى منو ا م ستدام ي راعي ظروف الفقراء وي سعى اإىل توفري الوظ ئف ل ي حت مل له اأن تتكلل ب لنج ح. ول بد من ا سرتاتيجية جتمع بني اتخ ذ اإجراءات على ال سعيد املحلي ويف ظل سعي دويل اإىل حفز ودعم ال ستثم ر ومنو التج رة فمن س أن ذلك حتقيق النمو لالأ سواق. اإن حجم التدفق ت امل لية الدولية وعدم ا ستقراره خ سة فيم يتعلق ب ل ستثم ر يف ال سندات احلكومية اأو يف اأ سواق الأوراق امل لية الن سئة قد ت سبب يف حدوث تقلب ت كبرية يف اأ سع ر ال رشف واأ سع ر الف ئدة على نحو يخل ب لنمو. واإىل ج نب التدابري الدولية الرامية اإىل حتقيق ا ستقرار الأ سواق امل لية وفتح الأ سواق فال بد من ت سجيع النمو املحلي من خالل زي دة اإنت جية العمل. وي سكل منو الإنت جية امل سدر الرئي سي لتحقيق التنمية امل ستدامة وحتقيق حت سن غري ت سخمي يف م ستوي ت املعي سة ويف توفري فر س العمل ويقوم منو الإنت جية على اإحداث تغيري يف عملي ت الإنت ج من اأجل خف س تك ليف الوحدات والتحول نحو اإنت ج ال سلع واخلدم ت التي تدر ع ئدا مرتفع. وينطوي هذا النمو على اإحداث تغيريات يف طريقة تنظيم العمل وظهور م س ريع اأعم ل جديدة والختف ء التدريجي مل س ريع اأعم ل ق ئمة. ومع اأن كثريا من البلدان الن مية وم ست س ريه الأج نب قد راودتهم الآم ل يف اأن توؤدي ال سي س ت امل لية والنقدية ال س رمة اإىل تهيئة ال ستقرار الالزم لتن سيط ال ستثم ر والنمو فقد ك نت هذه املزاي بطيئة احلدوث. بل اإن الأزم ت الجتم عية وال سطراب ت وامل س عب ال سي سية التي ارتبطت بهذه ال سي س ت يف بع س احل لت س عفت من سعوبة حتديد م س ر للنمو امل ستدام. هل الدولة اإذن هي اخل رش الأكرب يف م س ر العوملة ف إدارة القت س د مل تعد حتت سيطرته واأخذت تفقده تدريجي ل س لح ال رشك ت الكربى وامل س رف وراأ س امل ل الع ملي. متيز اقت س د الدول املتقدمة ومنذ انته ء احلرب الع ملية الث نية بكونه اقت س دا خمتلط بني الدولة وال سوق فك نت الدولة تتوىل م سوؤولي ت اإع دة التوزيع وو سع الأنظمة وم سوؤولية القط ع الع م وامللكية الع مة. وج ءت العوملة لتقلب هذا القت س د راأ س على عقب ف أ سع فت الدولة ل س لح ال سوق التي مل تعد سوق وطنية بل حتولت اإىل سوق ع ملية مل يعد لأ سح ب القرار الوطني دور يف الت أثري فيه. واقت رش دور الدولة على حتقيق التوازن القت س دي يف جم ل فر س العمل والتنمية القت س دية وال سعي اإىل حتقيق توازن خ رجي عرب الدف ع عن م س حلهم اأم م الدول الأخرى يف منظمة التج رة الع ملية و سندوق النقد الدويل وجي 8 )الدول الكربى الثم نية(. ولكن هدف هذه املوؤ س س ت الدولية هو و سع اأنظمة ت فر س على كل الأمم وهي ب لأ س س موؤ س س ت تع ون دويل ولي ست هيئ ت فوق الوطنية تتمتع ب سلطة فعلية تفر سه على الف علني اجلدد يف القت س د الع ملي )ال رشك ت الكونية وامل س رف الكربى واأ سواق امل ل(. يف مواجهة العوملة التي اأفقدت الدول القومية بع س سي دته اجتهت الأخرية اإىل تطوير اتف ق ت تع ون بينه ويف اإط ر جتمع ت اإقليمية اأ سبحت احللقة الو سطى بني الدولة القومية والعوملة. وقد س همت هذه التجمع ت يف تخفيف الآث ر ال سلبية للعوملة على القت س دات الوطنية بف سل سي غة اأطر ق نونية م سرتكة س همت يف قوننة ا سرتاتيجي ت ال رشك ت يف الأ سواق. ومن اأهم تلك التجمع ت ال سوق الأوروبية ذات الوحدة القت س دية والنقدية: اتف ق التب دل احلر لأمريك ال سم لية )الولي ت املتحدة الأمريكية وكندا واملك سيك( وجتم ع )MERCOSUR( مركزور )الأرجنتني والربازيل وبورجواي واأورجواي( وجتمع )ASEAN( اآ سي ن اأو جنوب رشق اآ سي )ع رش دول( ومنظمة رو سي التي ت سم للتع ون س جن ي 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

12 وال صني والهند ودول اآ سيوية اأخرى. ل شك اأن القت صاد العاملي بحاجة إاىل أان سنة وقوننة لي صبح اأكرث اإن صافا. ويف املقابل هناك حاجة ما سة ملبادرات وطنية لتح سني عمل املوؤ س سات إاذا اأريد لفر ص العوملة اأن تطال كل فرد يف املجتمع. وبغية حتقيق ذلك ل بد من اتخاذ إاجراءات يف املج لت التالية لت ساهم اأي ضا يف حتديث سوق العمل: أول : اإتاحة معلومات حديثة ب ش أن طلب خمتلف اأ صحاب العمل من ال رشكات متعددة اجلن سية إاىل املن ش آت ال صغرية ل شتى أانواع املهارات واحتياجات العمل وموا صفات مهارات القوى العاملة عن طريق شبكة من وك لت الت شغيل. ثانيا : اإر ساء نظام تدريب فني وتقني ومهني مرن وفاعل يجمع بني التعليم الر سمي واخلربة التطبيقية يف ظروف العمل وميكنه من ال ستجابة لالحتياجات املتغرية من املهارات والقدرات. ثالثا : و ضع نظام سليم لإدارة العالقات يف مكان العمل يقوم على ال رشاكة بني الدولة ونقابات العمال واأ صحاب العمل. وتتوىل الدولة م سوؤولية و ضع الأطر والقواعد لتنظيم احلرية النقابية واملفاو ضة اجلماعية ومعايري العمالة املتعلقة مب سائل من قبيل الأجور وظروف العمل وال سالمة وال صحة املهنيتني وغري ذلك من اجلوانب املت صلة برفاهية العامل وقدرة املن ش أة على املناف سة. رابعا : توفري نظام ال ضمان الجتماعي وتوافر اأنظمة دعم ملكافحة ال ستبعاد الجتماعي. خام سا : حتقيق التكامل بني الوزارات يف اتخاذ الإجراءات القت صادية والجتماعية والبيئية. ساد سا : إادارة سديدة قوامها الدميقراطية وامل ساواة الجتماعية و سيادة القانون وحقوق الإن سان ف ضال عن امل شاركة والتمثيل الفاعلني لتطلعات وم صالح املجموعات الرئي سية مبا يف ذلك العمال واأ صحاب العمل وم ؤو س سات املجتمع املدين وكذلك النهو ض ب إنتاجية القت صاد غري الر سمي وحتويله تدريجي ا اإىل اقت صاد ر سمي كم س ألة رئي سية من م سائل الإدارة ال سديدة التي ينبغي معاجلتها لكي يت ساوى اجلميع بالفر ص املتاحة. ل بد من العرتاف ب أن العوملة رغم نواق صها وم ساوئها فتحت الباب على فوائد جمة لالإن سان فقد شجعت التبادل 12

13 احلر للب ضائع والأفكار واملعرفة ودعمت املجتمعات املنفتحة على العامل. ولكن احلكم ال صالح للعوملة يعي ش يف اأزمة إاذ يوجد هناك خلل بني القت صاد الذي اأ صبح عاملي ا اأكرث ف أكرث وبني املوؤ س سات الجتماعية وال سيا سية التي ل تزال حملية اأو وطنية والتي مل ترتق بعد إاىل امل ستوى الإقليمي اأو إاىل امل ستوى العاملي. كما توجد فجوة تتزايد بني القت صاد الر سمي العاملي وانت شار القت صاد غري الر سمي املحلي يف معظم املجتمعات العربية القت صادية. ول تزال كذلك معظم ال شعوب العربية التي تعي ش وتعمل يف القت صاد غري الر سمي م ستثناة من امل شاركة املبا رشة يف الأ سواق الر سمية ويف العوملة على اأ س س مت ساوية وعادلة. كما حتررت التجارة وال صناعة خا صة يف الغرب يف الوقت الذي ل تزال فيه معظم الدول الغربية حتمي الزراعة. وتتحرك الب ضائع وال سلع وروؤو س الأموال بحر ية عرب احلدود يف الوقت الذي تقيد فيه حرية تنقل الب رش. بغية حتقيق إادارة اف ضل للعوملة ل بد من م سار جديد لها يعطي الأولوية لالإن سان مركز كل تطور وتنمية وحمورها. وهذا يعني ت صحيح م سارها الراهن الذي ينظر إاليه البع ض يف العامل العربي كما لو كان منطا جديدا لل سيطرة وال ستغالل وت أكيد البعد الجتماعي للعوملة التي توفر للنا س العمل املنا سب وحاجاتهم الأ سا سية للغذاء واملاء وال صحة والتعليم وامل سكن والبيئة ال صحيحة املالئمة. وهذا يفرت ض اإيجاد إادارة صاحلة ودميقراطية للعوملة ت ضمن امل شاركة واملحا سبة وحكم القانون واحرتام املوؤ س سات بحيث يفتح املجال ل سيا سة وطنية وعربية حتفز امل صانع وال رشكات على التطور وخلق فر ص العمل وخف ض الفقر و ضمان امل ساواة بني اجلن سني الأمر الذي سي ساهم يف تقوية ال ضمان الجتماعي وي شجع املواهب والقدرات وي ساعد كل دولة على حتديد م سارها يف التنمية والتطور واإجناز اأهدافها الجتماعية والقت صادية بالتن سيق والندماج التدريجي مع الدول العربية الأخرى ف لن سجام بني ال سيا سات الجتماعية والقت صادية هو اأكرب م ساهمة من اأجل ولوج العوملة وامل ساهمة يف اإدارة اأف ضل يف اإطار حكم القانون والدميقراطية والربملانية واحرتام ميثاق حقوق الإن سان وامل ساواة فتو افر تلك ال رشوط هو ال سا س لندماج الدول العربية يف عوملة عادلة ومنتجة عرب حتقيق وحدتها القت صادية التدريجية يف سوق عربية واحدة كما دعت اإىل ذلك قمة الكويت القت صادية. هناك تخوف يف دول اجلنوب من ت أثري العوملة على الهوية الوطنية الثقافية والتقاليد املحلية وهناك تخوف يف دول ال شمال من فقدان العمل نتيجة حترير التجارة وال ستثمار واملناف سة حيث اإن ارتفاع تكلفة عنا رص الإنتاج ومنها: الأجور وتراكم التقدميات الجتماعية قد دفع بال رشكات العابرة للقارات اإىل ا ستهداف مناطق يف اجلنوب تقدم يدا عاملة ب أجور زهيدة ل ترتبط أاي ضا ب أي غطاء ل أالمن الجتماعي وتقل ص اأعباء ال رضائب والر سوم. وبالن سبة اإىل التخوف يف دول اجلنوب فال بد اأن ت سري العوملة مبوازاة تعددية ثقافية فالثقافة رمز قوي للهوية. ول بد من العرتاف با ستقاللية الثقافات الوطنية واملحلية كم صدر للثقة بالذات وللطاقة اخلالقة املبدعة واملبادرة كما يجب احرتام التنوع الثقايف والديني وال سيا سي والجتماعي مع احرتام حقوق الإن سان وكرامته وامل ساواة بني اجلن سني. كما اأن احرتام الطبيعة يجعل من العوملة تنمية م ستدامة من ناحية البيئة. اأما احلكم الدميقراطي ال صالح للعوملة واقت صاد ال سوق املنفتح وامل سوؤولية واملبادرة واحرتام القانون والأمانة وال شفافية فكل ها ضمانات لإزالة التخوف يف دول ال شمال من فقدان فر ص العمل. اإن املجتمعات املنفتحة مهددة اليوم بالإرهاب املعومل ومل يعد م ستقبل الأ سواق املنفتحة م ضمونا. ولهذا يجب حل امل شكالت ال سيا سية مثل الق ضية الفل سطينية يف سبيل عامل أاكرث عدالة واأقل ظلما فالإرهاب ي ستغل الظلم والفقر والي أ س لكي يح صل على نوع من ال رشعية لدى الراأي العام. وظروف كهذه حتول دون الت صدي لالإرهاب بفاعلية لأنها حتول دون الو صول اإىل ت أليب اأكرب عدد من النا س ملحاربته عن وعي ومعرفة. انطالقا مما تقدم ميكن اأن ت بنى رشوط التحديث يف العامل العربي عرب التعامل اخلالق مع العوملة وعرب الإفادة منها ابتكارا واإنتاجا بوا سطة الت أقلم مع أادواتها اجلديدة والتحكم بها ف لنخراط الواعي يف ح ضارة العوملة هو احلرية بعينها التي ستتيح للبالد العربية بناء النظام الدميقراطي امل شارك يف حركة احلداثة العاملية والوعي ب إن سانية واحدة مت ضامنة ومبواطنة عاملية والقبول الطوعي بامل سوؤوليات الأخالقية والقانونية والقت صادية املرتتبة على ذلك فالت ضامن والعدالة مفهومان وقيمتان م شرتكتان بني الب رش جميعا وهما ل يقومان من دون اإقنوم اأ سا سي يعترب ركيزة يف اأ سا س اأي بناء اجتماعي وهو احلرية. فاحلرية هي الطريق اإىل العوملة ومن دونها ن سري اإليها تابعني ل خمريين لأن احلرية هي التي تفجر طاقاتنا الإبداعية وجتعلنا قادرين على الدخول يف لعبة املناف سة وال سباق اإىل الأف ضل. ولكن احلرية تعني بلوغ سن الر شد وحتمل امل س ؤوولية. ويف هذا الإطار تعني احرتام الواجبات الأدبية يف العمل والإنتاج سواء كان ذلك يف القطاع العام اأو اخلا ص. وي ستعر ض الف صل القادم تلك الواجبات الأدبية والقيم والأخالقيات املهنية وال شخ صية للموظف يف الوظيفة العامة أاو يف الإدارة اأو يف القطاع اخلا ص. الواجبات الأدبية - الديونطولوجيا... اأما يف الوظيفة العامة فالدولة هي الكفيل باحلفاظ على امل ستوى الأخالقي املرموق وحماربة الفو ضى وتطبيق القانون الن ضباطي يف حال املخالفة... تعي ش الب رشية يف جمتمعات يرتبط فيها الو ضع الجتماعي واحرتام الذات ارتباطا قوي ا بكل من املهنة والدخل. اإن نظرة الآخرين اإلينا ونظرتنا اإىل اأنف سنا ترتبطان معا بالعمل الذي ن ؤوديه وطريقة معاملتنا يف العمل علما ب أن العمل لي س ب سلعة ومن حق النا س اأن ي عاملوا باحرتام. كما اأن اإدراك النا س مل س ألة اإن كانوا ي عاملون ب إن صاف يوؤثر على اأداء العمل. ويدرك اأ صحاب العمل أان العدالة ترفع الروح املعنوية وتقلل من معدل تغيري املوظفني ومن التغيب عن العمل وتزيد الإنتاجية. والإح سا س بالظلم هو اأ سا س كل املظامل يف العمل. وعندما يكون هناك إان صاف ي صبح الأداء اأف ضل. واملجتمعات العربية اأ صبحت اليوم اأكرث ن ضوجا وانتقادا فهي تطلب من الدولة اأو اخلدمة العامة اأو الإدارة اأن تقدم خدمات سليمة و رسيعة وذات جودة عالية. واملجتمع ي أمل من الإدارة اأن تكون القدوة احل سنة والأخالق املهنية هي ال ضمان لعودة ثقة املواطن بالإدارة. وعليه. فال بد من الإ صالح الذي يجعل من املوظف شخ صا م سوؤول وعامال نا ضجا له حقوق وعليه واجبات. لكن الواقع العربي غري ذلك فقد شهدت اأجور وظروف اخلدمة العامة يف كثري من الدول العربية تدهورا حاد ا على مدى اأعوام التق شف الطويلة املرتبطة بالتكيف الهيكلي واأزمة الديون. وقد اأحدث ذلك رضرا بالغا على الروح املعنوية والأداء مما اأدى اإىل فقدان بع ض موظفي اخلدمة العامة املوهوبني ل صالح القطاع اخلا ص وزاد من خطر جلوء املوظفني العموميني اإىل حتميل املواطنني تكاليف مقابل اأداء اخلدمات بطلب ر شاوى و ضعف الثقة يف اأداء احلكومة واأ صبحت املقولة ال شائعة هي اأن اخلا ص جيد والعام سيء. وبغ ض النظر عن التوازن املطلوب بني دور القطاع العام واخلا ص فمن ال رضوري اأن يحدث تنظيم جيد لعالقات ا ستخدام املوظفني العموميني وهذا يتطلب متويال كافيا للخدمات العامة لكي ميكن اإجناز خدمات عالية النوعية لكل من يحتاجها من موظفني عموميني جيدي التدريب ومن ذوي اخلربة. وهذا يتطلب اأي ضا تنمية قدرات اخلدمة العامة على تلبية الأهداف الجتماعية خا صة ا ستئ صال الفقر ومتكني النا س من اأ سباب القوة و ضمان اأن تلبي اخلدمات العامة الأهداف عالية النوعية مبا ي شمل 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

14 معايري عالية ال سلوك الأخالقي مما ميكن القت صادات الوطنية والعاملية من العمل بفاعلية وعدل وكذلك ضمان أان يتمتع عمال القطاع العام بحقوقهم الأ سا سية وحتقيق ظروف عمل عالية النوعية. ورغم اأن ن سبة عالية من امليزانيات احلكومية تخ ص ص للرواتب فال بد من مزيد من املوارد للت صدي مل شكالت اخلدمة العامة واإحراز تقدم مطرد من خالل التفاو ض والت شاور مع احتادات اخلدمة العامة. إان احلوار ب ش أن اقرتاحات خ صخ صة خدمات عامة اأ سا سية له اأهمية خا صة بالنظر إاىل أاهميتها ل سرتاتيجيات التنمية. ول شك اأن وجود خدمة عامة م ستقرة نزيهة وكفوءة ي شكل ر صيدا وطني ا كبريا يف توفري خدمات تعليمية و صحية اأكرث واأف ضل. إان ظروف العمل ال سيئة والت أخري امل ستمر يف دفع الأجور امل ستحقة ل ت ساهم يف حتقيق الفاعلية. والتدريب هو مدخل الإ صالحات الرامية إاىل رفع نوعية اخلدمات العامة ول بد كذلك من حت سني أاداء املن ش آت اململوكة من الدولة واخل صخ صة و إاعداد ال صناعات املحمية للمناف سة يف الأ سواق العاملية. وهذا يتطلب إاعداد اخلطط لإعادة الهيكلة آاخذين بعني العتبار الأثر الجتماعي على املجتمعات املحيطة عرب و ضع خطط تت صدى للق ضايا التي يثريها تو سيع أاو تقلي ص العمالة على ال سواء. واحلوار الجتماعي هو أاداة قيمة لبناء قدر وا سع من التفاق على حتديث قوانني العمل وال سيا سات املطلوبة لتح سني أاداء القطاع العام واملن ش آت اخلا صة النظامية. وللدخول يف تفا صيل ما سبق ارت أينا تقدمي و صف شامل وكامل للواجبات الأدبية والأخالقية وللقيم املهنية واملعايري لالإ صالحات املقرتحة واخلا صة بالوظيفة العمومية واملوظفني العموميني واأرباب العمل وامل سوؤوليات الواقعة على عاتق الدولة. ونعني باملوظف العام كل من ي شغل وظيفة مدنية من وظائف اجلهات احلكومية اأي ا كانت طبيعة عمله اأو م سمى وظيفته. واملوظفون العموميون يتحل ون عادة بالأخالق الكرمية لأنهم عمال الدولة القو امون على م صالح املواطنني وح سن ال سري وال سلوك رضوري حتى يوؤمتن على ال سلطات العامة التي تخولها له الوظيفة. ومن املفرت ض اأن يكون املوظف العام ح سن ال سمعة واأل يكون من اأ صحاب ال سوابق اجلنائية بحيث ل يكون قد صدر ضده حكم جنائي يف جرمية خملة بال رشف والأمانة. اأما الوظائف العامة اأو العمومية فتق سم إاىل جمموعات خمتلفة ا ستنادا إاىل اختالف اأو صافها وخ صائ صها امل شرتكة ب سبب اختالف واجباتها وم سوؤولياتها وطبائع اأعمالها واملوؤهالت الالزمة ل شغلها. اإن الوظائف العامة اإما دائمة اأو م ؤوقتة وتنق سم اإىل املجموعات التالية: الوظائف القيادية الوظائف العامة الوظائف احلرفية ووظائف اخلدمات. ونعني بالواجبات الأدبية )الديونطولوجيا( جمموعة الأنظمة التي تقرها الوظيفة لنف سها وحتدد فيها سلوكيات املوظف وهي يف الأ صل فكرة فل سفية يونانية قدمية تعود اإىل ما عرف ب ق س م هيبوقراط يف القرن الرابع قبل امليالد. ويف القرن التا سع ع رش متكن بع ض املثقفني من و ضع قواعد جديدة لإعادة العمل به كدليل للواجبات الأدبية اأو علم الواجبات. وبناء عليه اأ صبحت ممار سة املهنة اأو الوظيفة حتتاج اإىل احرتام جمموعة اأنظمة وواجبات. ويف حال انتهاك املوظف اأو صاحب املهنة للواجبات الأدبية لوظيفته اأو مهنته ف إن جلنة مراقبة الواجبات الأدبية أاو هيئة احلكم والق ضاء هي امل سوؤولة عن العقاب الذي يرتاوح بني جمرد اللوم اإىل التعليق عن العمل لفرتة زمنية ترتاوح بني 15 يوما اإىل ثالثة اأ شهر أاو الف صل من الوظيفة / املهنة. ودليل الواجبات الأدبية هو ما ميي ز اأ سا سا املهن احلرة كالطب واملحاماة والهند سة وهو ا ستجابة لإ رصار املجتمع على املراقبة للحوؤول دون الفو ضى يف ممار سة املهن احلرة. وي أتي كذلك من املهنة احلرة نف سها التي ت سعى إاىل الرتقاء مل ستوى اأخالقي ل غبار عليه. اأما يف الوظيفة العامة فالدولة هي الكفيل باحلفاظ على امل ستوى الأخالقي املرموق وحماربة الفو ضى وتطبيق القانون الن ضباطي يف حال املخالفة. اأما الوظائف التي تفتقر اإىل دليل واجبات اأدبية ف إن ما يلزمها ويطبق عليها هو القانون العام اجلزائي واملدين وكذلك القانون الإداري. الواجبات الأدبية إاذن تتطلب من ال سيا سيني واملدراء واملوظفني ال ستقامة يف تنفيذ مهامهم باحرتام مبادئ الواجبات الأدبية. واللتزام الأول هو اأن يكون امل س ؤوول قدوة ومثال ي حتذى به وثانيا اأن يقوم باتخاذ الإجراءات املنوطة بامل ستوى اخلا ص به عرب العمل على حتديد الإجراءات وال رشوط التي ت سهل القيام باخلدمة و ضمان تنفيذها عرب و ضع الو سائل ال رضورية حتت ت رصف املوظف لتمك نه من تنفيذ املهام املنوطة به أاو املوكلة اإليه. اأهداف دليل الواجبات الأدبية وقيمه إان الأهداف الرئي سية لدليل الواجبات الأدبية هي اأول تقدمي جمموعة من احلقوق والواجبات الأخالقية واملهنية لرت شيد املوظف ولكي ي أخذ بها لدى قيامه مبهامه وهي تهدف ثانيا اإىل خلق الو سيلة الناجعة لإدارة ورقابة سلوك املوظفني اإ ضافة إاىل تقدمي احلماية لهم درءا للم ؤوثرات اخلارجية وثالثا ت شجيع ال سلوك الأخالقي لي صبح ال سلوك العادي للموظف وللمهني مما ي ساهم اإيجابا يف حت سني نوعية الوظيفة واملهنة. اإن قيم اخلدمة العامة أاو واجباتها الأدبية هي ما يطبق عملي ا على عالقات املوظف العمومي مع حميطه الإن ساين وخ صو صية هذا الو ضع هي بكون املوظف العام يتعامل مع املواطنني ومع زمالء العمل وفق ترتيبهم الهرمي ويف الوقت نف سه عليه احرتام ال سلطة ال سيا سية الوطنية / املحلية وتنفيذ قراراتها اأي إان قيم اخلدمة العامة تطبق على عالقات املوظف وممار ساته مع املجموعات الثالث: املواطنني وزمالء العمل وال سلطات ال سيا سية. ويعتمد دليل الواجبات الأخالقية على القيم الأ سا سية التالية: 1 ال ضمان الدائم والكفالة يف كافة الظروف للحقوق وللحريات وللكرامة الإن سانية. 2 حترمي اأي شكل من اأ شكال التمييز سواء كان ذلك نحو املواطنني اأو نحو املوظفني. 3 ممار سة ال سلطة العامة للنزاهة ولال ستقامة. وال ستقامة ل تعني فقط حماربة الف ساد واحليادية واإمنا تعني اأي ضا الإن صاف و شخ صانية اخلدمة والكفاءة املهنية وامل صداقية. ول تعني ال ستقامة جمرد احرتام القانون وتطبيقه بل تكون الإدارة قدوة ومثال ي حتذى به ويجب اأن يكون لدى املواطن الثقة بالإدارة وممثليها. 4 الوفاء وهذه القيمة تعني اأن املهام املنوطة بالوظيفة قد جرى اإعدادها ب شكل بن اء ووفق الأهداف املرجوة منها واأن تلك املهام قد نفذت بوعي ويف اإطار احرتام القانون واحرتام ال رشعية. 5 الكتمان كقيمة ل يعني حرمان املوظف من حرية التعبري اأو حرية تبادل املعلومات مع زمالئه والدفاع عن أافكاره ومقرتحاته. كما اأنه ل يعني عدم تزويد املواطنني باملعلومات التي يطلبونها واإمنا الق صد منه اأن من حق ال سلطة حتديد حرية التعبري يف اإطار خدمة امل صلحة العامة )يف جمال الأمن مثال اأو خدمة للنظام العام(. ولدى ممار سة اخلدمة ف إن احرتام كرامة الوظيفة اأو املهنية يتطلب من املوظف: 1 اأن يتجنب اأي سلوك ي سيء اإىل كرامة املهنة مثل: اللبا س غري املحت شم اأو ا ستخدام الكالم اجلارح مع زمالئه اأو ال ستغابة اأو الت شهري بزميل عمل. 2 اأن يكون حتت الت رصف وم ستعد ا للقيام بعمله ب شكل مهني وحمرتف فجودة العمل تعتمد ب شكل كبري على ال سلوك املهني للموظف. 3 احرتام مواعيد العمل و ساعات الدوام واأن يكون حتت الت رصف للقيام مبهمات اخلدمة املنوطة به وال ستعدادية والنفتاح مل ساعدة طالبي اخلدمة. 4 اأن ي ستعمل و سائل الت صال ب رشف واأمانة ان سجاما مع متطلبات اخلدمة ويف هذا الإطار على الإدارة احرتام احلياة اخلا صة للموظف. 5 جتنب تناول الكحول اأو تعاطي املخدرات اأو الأدوية اأثناء العمل با ستثناء الدافع الطبي نظرا لتحرميها ولت أثرياتها 14

15 1 احرتام ال رشعية والق نون ك أمر مفرو س على كل ن س ط يتطلب تدخل املوظف العمومي ف لإدارة يف دولة الق نون و جدت لتنفيذ القوانني التي ي سو ت عليه ممثلو ال سعب. ومن هذا املنطلق ف إن املوظف العمومي هو املوك ل وال س من لحرتام ال رشعية من قبل روؤ س ئه ومروؤو سيه واأم م املواطنني وهذا م يف رش احل جة اإىل الت أكد من ق نونية القرارات التي يتخذه املوظف العمومي وب أن سي غته قد مت ت وفق الإجراءات املعت دة. وتت سمن ال رشعية اأي س الإخال س للم سوؤولني ولل سلط ت املنتخبة يف اجلهة التي يعمل به. ورغم حق املوظف يف حرية الراأي والتعبري اإل اأنه عند مم ر سته مله مه ل ي ستطيع خلق العراقيل اأم م قرارات ق نونية بحجة اأنه ل تتن سب والتزام ته ال سخ سية كم يتوجب عليه احرتام ال رشية املهنية. 2 الف علية تتطلب هذه القيمة املهنية اأن يكون املوظف ذا مهنية ع لية وال ي غر ق يف البريوقراطية واأن ي س هم يف حت سني جودة اخلدمة ول س ن ح له البحث عن الإجن ز الفردي واجلم عي. وعلى الإدارة منحه رشوط عمل م ر سية وفتح املج ل اأم م م س ركته يف دورات التدريب املهنية. وتبقى الف علية نظرية وذاتية اإذا مل يجر ربطه بتقييم عمل املوظف وفق موؤ رشات مو سوعية فتطوير وتعميم ثق فة التقومي اأ س سية لقي س ف علية اخلدم ت املقدمة والف علية كقيمة مهنية مرتبطة بقيم اأخرى ك جلودة وال سف فية وال ستقاللية. 3 امل سوؤولية تت سمن القوانني الإدارية يف الدول ك فة تقريب ن س يحدد فيه ال سلبية وامل سيئة للخدمة الع مة. وعند قي م املوظف ب إجراء ات س لت مع موظفني اآخرين من قط ع خدم ت غري قط عه اأو مع املواطنني اأو مع سخ س خ رجي فعليه اللتزام والتمتع ب لقيم الت لية: 1 اإذا ك ن الداعي لالت س ل اخل رجي هو تقدمي خدمة ل رشك ء فيجب ال سهر على تقدمي اأف سل اخلدم ت واأن يكون هن ك التزام سخ سي يف العمل الذي يقدم لل رشيك سواء ك ن مواطن اأو م سئول اأو ت بع لقط ع خدم ت اآخر. 2 عدم اللجوء اإىل ا ستخدام الإكراه لدوافع غري ق نونية لأن اللجوء اإىل فر س اللتزام والإكراه ي ستوجب اللوم ويكون جديرا ب لعق ب ف لإكراه ل ي ستعمل اإل اإذا ك ن ذلك ق نوني و رشوري. 3 اجلودة كعمل جم عي ي س رك يف سنعه اجلميع من الق عدة اإىل القمة تنظيم وخدمة واإدارة. 4 النزاهة مبعنى عدم احل سول على امتي زات لي ست من حق املوظف اأي المتن ع عن ال ستخدام ال سيء لل ستهيالت والو س ئل املو سوعة حتت ت رشفه. 5 التجرد وتعني هذه القيمة اأن القن ع ت ال سي سية اأو الفل سفية اأو الدينية اأو العالق ت مع ال سلطة ال سي سية ل توؤثر ول تتدخل يف عالقة املوظف مع املواطنني اأو مع ال رشك ء. ولهذا فعلى املوظف جتنب مع جلة امللف ت التي يرتبط بعالقة م معه. 6 اإحرتام احلي ة اخل سة بتجن ب اإف س ء الأ رشار وب حلف ظ على املعلوم ت اخل سة ب ملواطنني بغية احلف ظ على سالمتهم اجل سدية والعقلية والجتم عية. 7 سهولة املن ل )املن لية(: على الإدارة واملوظف الع م اأن يكون سهل املن ل وي ستقبل املواطنني ويجيب عن اأ سئلتهم ويقدم اخلدمة املرجوة لهم. 8 امل سوؤولية: كل موظف م سوؤول عن امله م املنوطة به وعليه اأن يكون م ستعد ا للم س ءلة عن اأعم له. اأم فيم يتعلق بعالقة املوظف مع زمالئه يف قط ع اخلدمة نف سه التي يعمل فيه ف ملطلوب منه امل س همة يف خلق جو اإيج بي للعمل ب حرتام زمالئه يف العمل والمتن ع عن ال سلوك امل سني وعليه اأي س قبول العمل اجلم عي وامل سرتك مع زمالئه والثقة بهم وم س رحتهم ونق س امل سكالت املحتملة ب إيج بية وبروح بن ءة. ل سك اأن الرتتيب الهرمي واحرتامه وطرق ت رشف الإدارة ت س هم اإىل حد كبري يف خلق الأجواء املواتية يف العمل اأم ل ف لإدارة وق دته يتحملون م سوؤولية كبرية يف احرتام القيم ومب دئ دليل الواجب ت الأدبية. ب ملق بل على املوظفني احرتام القي دة والإدارة عرب تنفيذ مه مهم وعرب العرتاف ب لعمل املنجز من قبل املوظفني الكب ر واحرتامه. ويف ح ل وجود خالف ت بني الإدارة واملوظفني حول كيفية تنفيذ امله م املوكلة اإليهم فمن املفرت س اأن حت ل بوا سطة امل س ورات واحلوار بني املعنيني بذلك. لقيم ملهنية: ل ت ستطيع اخلدمة الع مة القي م مبه مه اإل اإذا متتع املوظف الع م مبهنية حقيقية ول تختلف القيم املهنية للقط ع الع م عن تلك املفرت سة يف القط ع اخل س فكالهم ي سعى اإىل ااااالعمل الف عل واملنجز بجودةع لية ويتبن ي ن القيم املهنية عينه ن التي جتمع مب دئ حترتم وتطبق على الن س ط ت الع مة واخل سة وهذه القيم املهنية هي: احرتام ال رشعية والقوانني والعمل بف علية وم سوؤولية مع التطلع اإىل اجلودة وال سف فية وال ستقاللية والتكيف وال ستمرارية والنزاهة واأن يكون املوظف اأو املهني اأي س قدوة لالآخرين ب حرتامه للرتتيب الوظيفي وح سن الت س من مع الآخرين. ويتمتع املوظف الع م ب ل سف ت الت لية: هذه القيمة املهنية الأ س سية التي تط لب املوظف اأن يقوم بواجبه ويحرتم التزام ته يف خدمة امل سلحة الع مة كم تتطلب امل سوؤولية اأن يقدم املوظف تق رير عن عمله اإىل كل من ال سلطة ال سي سية واإىل املواطنني ف ملوظف الذي يتحمل امل سوؤولية اأم م ال سلطة ال سي سية واأم م املوظفني هو خري كفيل و س هر على احرتام قيم اخلدمة الع مة والوظيفة الع مة. 4 اجلودة هي خري سم ن للف علية وت س عف املهنية وتفيد املواطن ومن ال رشوري تقييمه اأي س كخدمة للجمهور. 5 ال سف فية قيمة مهنية جديدة اأ سبحت متيز املجتمع ت احلديثة واملتطورة اإل اأنه ت سطدم بتن ق سه مع سي سة م سلحة الدولة والقيمة اخل سة ب ل رشية املهنية. 6 ال ستقاللية ل يزال القط ع الع م يف معظم الدول يتع مل مع املواطنني كمدارين من قبله وب أنه يطبق عليهم الأنظمة التي حدده الق نون ويتع مل معهم ببريوقراطية سديدة على خالف القط ع اخل س الذي تكي ف ب رشعة مع التطور احل سل ب ملجتمع ت من فردية متزايدة اإىل مواطنة جديدة ف علة بل اأخذ القط ع اخل س يتحمل اأي س م سوؤولي ته الجتم عية نحو موظفيه واأخذ يعمل من اأجل التنمية امل ستدامة واحرتام البيئة وحم ربة التلوث. ويف هذا الإط ر ف إن القط ع الع م ل ي ستطيع ال ستمرار بجموده الراهن فقد اأ سبح من حق كل ف عل يف القط ع الع م سواء ك ن ذلك يف مدر سة اأو م ست سفى اأو خدمة اجتم عية التمتع بنوع من ال ستقاللية عن ال سلطة مبقدار ميكنه من التكيف للمتطلب ت اجلديدة لكي يقدم اخلدم ت والأجوبة الف علة. ل سك اأن ا ستقاللية ن سبية للقط ع الع م ستجعل اخلدمة الع مة اأكرث قدرة على التكيف مع التغريات الجتم عية وربط العالق ت مع اجلمهور. 7 التكي ف وفق الق نون الإداري يف معظم دول الع مل ف إن من املفرت س اأن تتكيف اخلدمة العمومية ب ستمرار لتتم سى مع احل ج ت املتغرية للم سلحة الع مة. والإدارة هي س حبة القرار يف 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

16 حتديد الزمان وكيفية التكيف مع املتغريات. اأما التكيف كقيمة مهنية فمن املفرت ض اأن يحظى مبفهوم أاو سع من حتديد القانون الإداري له فهو كقيمة يعني التجديد و أاخذ املتغريات يف ال سلوك الجتماعي والتقدم التكنولوجي بعني العتبار. فمثال أان تفتح الإجارة اأبوابها يف يوم عطلة لأجل التكيف مع املتغريات الإلكرتونية فهذه القيمة عليها اأن تتطور انطالقا من الواقع. وي شمل التكيف حياة املوظف املهنية اأي ضا فقد اأ صبح من احلاجة مبكان الف صل بني الوظيفة والرتبة لكي تتمكن الإدارة من تعيني موظفني للقيام ب أعمال ومهام تتنا سب واحتياجات اخلدمة العامة دون أان مي س ذلك برتبة املوظف. والتكيف يعني اأي ضا توقع نتائج قرار اأو سيا سة فكما ذكرنا سابقا قامت رشكات من القطاع اخلا ص ب ضم التنمية امل ستدامة إاىل ا سرتاتيجياتها. ف إىل متى ستبقى اخلدمة العامة بعيدة عن جماراة هذا التيار اجلديد خا صة و أان املواطنني ينتظرون بفارغ ال صرب اأن حترتم اخلدمة العامة املعايري اخلا صة بالبيئة واأن تدمج أاهداف التنمية امل ستدامة يف سلوكياتها وقراراتها. 8 ال ستمرارية ت ستدعي دفاع الدولة عن نف سها ضد أاي اعتداء خارجي وحماية املواطنني و ضمان سالمتهم اجل سدية وال سهر على توفري الحتياجات الأ سا سية لهم. وال ستمرارية تعني اأي ضا الهتمام باملوظف الذي يفقد وظيفته نتيجة عدم حاجة امل صلحة العامة لها فتحم ل م سوؤولية كهذه من قبل الإدارة رضوري للحفاظ على التالحم الجتماعي ومتا سكه. 9 النزاهة عندما تقوم الإدارة العامة باتخاذ إاجراءات جلمع ال رضائب اأو فر ض اأعباء جمركية على الب ضائع اأو امل صادرة با سم الفائدة العامة اأو اتخاذ إاجراءات حتدد الذهاب والإياب ف إن املجتمع ل يتقبلها اإل إاذا كانت بالفعل تخدم وت ستجيب مل صلحة عامة ول ي قبل بها إاذا كان هدفها خدمة م صالح خا صة. ل شك أان درجة الف ساد يف الإدارة العامة هي خري م ؤو رش لل صحة الدميقراطية يف بلد ما. ومن هنا اإ رصار املواطنني على ا ستقامة املوظفني وعلى احرتام ال سلطة لهذا املبداأ. اأما النزاهة فتذهب اأبعد من ال ستقامة فهي ترمي اإىل جترد املوظف وترفعه عن م صلحته ال شخ صية عندما يتطرق اإىل مو ضوع حمدد. وعليه أان يقوم بعمله بكل اأمانة و صدق واأل تقوده يف ذلك ذاتيته اأو م صلحته ال شخ صية. 10 القدوة ي صبح موظف اخلدمة العامة قدوة إاذا احرتم القيم املذكورة اأعاله وت رصف يف عمله وفقها. وعلى امل سوؤول اأن يكون قدوة لالآخرين فال ميكن مطالبة املوظف باملثالية اإذا كان راأ س الهرم ل ي شكل مث ل ي حتذى به. إاذا ك ن رب البيت ب لدف ن قرا ف سيمة اأهل البيت كلهم الرق س وعلى الإدارة أان تبداأ اأول بتطبيق الأنظمة يف خدمتها قبل فر ض ذلك على املواطنني. فمثال اإذا مل يتم تنفيذ القانون الداعي إاىل ت شغيل املعوقني بن سبة معينة داخل الإدارة. فلي س من احلكمة معاقبة القطاع اخلا ص لأنه مل يقم بتطبيقه. اإ ضافة ملا تقدم ل بد من تطوير ثقافة الحرتام داخل الإدارات واملن ش آت فقيمة الطاعة وفق الرتتيب الهرمي تتطلب من الروؤ ساء واملدراء اأخذ ظروف مروؤو سيهم اخلا صة بعني العتبار فمن املفرت ض األ تقت رص العالقات بني الطرفني على اإ صدار الأوامر وتنفيذها فتطوير ثقافة ال ستماع والتفهم اأ سا سية يف حتقيق اإدارة جيدة وفاعلة للموارد الب رشية. كما اأن ح سن ا ستقبال املواطنني مبا رشة اأو بوا سطة التليفون والربيد العادي أاو الإلكرتوين يت ضمن قيما مثل: املجاملة و سهولة املنال وال رسعة والأجوبة الوا ضحة ترافق ذلك روح ال ستماع وال صرب وال شفافية. وعلى املوظف اأن يكون جدي ا أاي ضا وي رشح للمواطن ب أدب واحرتام ما ي سمح به القانون وما ل ي سمح اأو ما ل يخدم امل صلحة العامة. وهذا ل يعني اأن على املوظف ال ستجابة لكل طلبات املواطنني واإمنا املق صود هو اأن يكون مت ضامنا مع مواطن م عو ز اأو مدقع الفقر لكي ي ساعده على اخلروج من اأزمته ضمن القانون ووفق امل صلحة العامة. والت ضامن يعني أاي ضا تطوير روح العمل اجلماعي مع الزمالء والعمل كفريق للجمع بني الفاعلية الفردية واجلماعية وي شمل الت ضامن الروؤ ساء واملروؤو سني خا صة يف حال مواجهة الآخرين مل شكلة ما ت ستع صي عليهم معاجلتها دون دعم. القيم الإن سانية واملهنية والإ صالح املوظف لي س جمرد كفاءة ومهنية واجناز فهو لي س اأداة يف الإدارة اإنه اأول وقبل كل شيء اإن سان من حقه التعبري عن اإن سانيته وعن قيمه الإن سانية فاملوظف صاحب ر سالة أان يرى وي سمع ويعالج ويحكم فكل ذلك يتطلب منه اأن يكون ذا ر سالة اإن سانية واأن يتمتع بقيم اإن سانية اإ ضافة اإىل القيم املهنية. وبناء عليه ف إن سلوكيات املوظف مع املواطنني يجب اأن ترتقي اإىل هذا امل ستوى الإن ساين الرفيع. ولكن على املوظف اأي ضا اأن يفرق بني الأخالق والقانون والواجبات الأدبية فهو غري خمو ل مثال بتقدمي درو س أاخالقية للمواطنني. وعلى املوظف اأن يتذكر دائما اأن واجبه الأول احرتام القانون اأما الأخالق فهي ذاتية. هي احرتام الذات ف لعتماد عليها ممكن رشط األ تكون خمالفة للقوانني. ت سعى الأخالق اإىل حتقيق منوذج حياة عادل واحلكمة يف العدل واحرتام الذات. اأما الواجبات الأدبية )ديونطولوجيا( اأو القيم املهنية فهي اجتماعية ولي ست ذاتية وتهدف اإىل الن ضباط والطاعة اجلماعية. الأخالق ت ستدعي التفكري الفردي لختيار أاف ضل الأ ساليب للتعاي ش مع الآخر وتتطلب التمييز بني اخلري وال رش. اأما يف الديونطولوجيا فامل شاعر احل سنة ل تعني بال رضورة الأعمال القانونية فمثال املوظف الذي يفر ض اأخالقه الدينية اأو ال شخ صية اأو ال سيا سية على زمالئه يتحول ب رسعة اإىل مثري لل شغب يف اإدارته. اأما القانون فيحمي املواطن من الأخالق املتخلفة اأو الذاتية للموظف. احرتام الواجبات الأدبية ل عالقة له بنجاح اأو فاعلية املوظف داخل جمتمعه فمثال اإذا كان املوظف و صولي ا ف إن الكذب والتقلب باملوافق وازدواجية اللغة واجل شع وكلها خمالفة للواجبات الأدبية قد متكنه من النجاح يف جمتمعه ولكنها قطعا ل ت ساعده على النجاح يف وظيفته. اإذن الديونطولوجيا لي ست هي بفن النجاح الجتماعي اأو ال سيا سي واإمنا هي واجب الفن وفن الواجب أاي واجب رفع م ستوى الوظيفة العامة إاىل م ستوى الفن وفن القيام بواجبه دون ال ستعرا ضية والظهور. فن الفعالية دون الذهاب بعيدا. 16

17 فن جتنب اخلط أ وملء وظيفته والقيام مبهامه اأمام زمالئه واأمام املواطنني. والواجبات الأدبية هي متطلب مهني يتم التعبري عنه ومراقبته ومعاقبة خمالفيه ب أ شكال خمتلفة وفق طرق التنفيذ والو ضع القانوين للوظيفة. والديونطولوجيا يف القطاع اخلا ص ل تختلف عنها يف القطاع العام فهي اأي ضا تفر ض على موظفيها ال ستقامة وال ستقالل املهني وجتنب ت ضارب امل صالح. ولكن بغية حت سني عمل الإدارة واأدائها فيجب اأن ت صبح الأخالق ثقافتها وقيمتها الثانية حيث اإن قيمتها الأوىل مهنية فعلى الإدارة احرتام كرامة الإن سان واأن تكون معاملتها مو ضوعية وعادلة وم ساوية سواء كان ذلك على م ستوى املوظفني اأو املواطنني. وعليها ممار سة حيادية مطلقة نحو ال سيا سيني واملواطنني. ويف املقابل على املوظف مراعاة ما يتوجب عليه من اأعمال والمتناع عن الأعمال التي ل تتفق مع الواجبات الأدبية. وعليه اأن ي سرتعي امل صلحة العامة وي سهر على تطبيق القوانني والأنظمة واأن يخ ضع لتعليمات رئي سه املبا رش واأن ينجز معامالت اأ صحاب امل صالح ب أمانة. والأنظمة حتظر على املوظف اإف شاء الأمور التي يط لع عليها بحكم وظيفته اإل إاذا رخ صت له الإدارة بذلك وهدف هذه ال ضوابط ت أكيد مبداأ أان الوظيفة العامة هي مهم ة وتكليف وهدفها خدمة املواطنني حتقيقا للم صلحة العامة. وعلى شاغل الوظيفة اأن يحيط علما باخت صا صات وظيفته واأن يوؤديها ب أمان وينبغي اأن يقوم مبهامه بنف سه ول يفو ض غريه فيها. وعلى املوظف اأن يتجن ب أاي عمل م أجور يحط من كرامة وظيفته. وحمظور عليه اجلمع بني وظيفتني يف اجلهاز الإداري ولكن ميكن للموظف ممار سة عمل خا ص يف غري اأوقات العمل الر سمية لعتبارات متعددة. ومن أاجل حت سني أاداء املوظف ل بد من معرفة قدراته وا ستغالل هذه القدرات لإجناز املهام املطلوبة من خالل ح سن توزيع العمل وحت سني بيئة العمل واإ شباع احتياجات ورغبات املوظفني واإر شادهم وحل م شكالتهم ال شخ صية ومكاف أة املبدعني منهم وو ضع ضوابط للثواب والعقاب. يجب جتنب ال شعور بالغنب لدى املوظفني الذي يتحملون القدر نف سه من امل س ؤوولية ولكنهم ل يتقا ضون املرتبات واحلوافز نف سها التي تعطى لأمثالهم يف جهات اأخرى. ويجب جتنب خلق وظائف للموظفني بدل من توظيف املوظفني لوظائف شاغرة فيرتتب على ذلك التزامات مالية غري متوافرة يف بنود امليزانية وبالتايل ا ستخدام الأموال املخ ص صة لأغرا ض اأخرى مهمة للعمل الإداري. يجب اأي ضا تكثيف الندوات العلمية للقادة الإداريني حول تقومي الأداء الإداري واكت ساب قدرات جديدة. وعلى القيادات الإدارية اأن ت شارك يف تلك الربامج التدريبية والتدريب يتطلب توفري املوارد الكافية يف امليزانية لهذا الغر ض ويجب عدم اخت صار التدريب على املوظفني دون القادة مما يخلق فجوة بني متطلبات الإدارة اجليدة واإمكانات القيادة غري املدربة. وباملقابل عمدت الإدارات املختلفة اإىل اإن شاء جمل س للت أديب الإداري الغر ض منه معاقبة املوظف الذي ل يتقيد بواجبات الوظيفة أاو ذلك الذي يخل بالواجبات. وو ضعت هذه املجال س عقوبات ت أديبية حددت تطبيقها ب أنظمة خا صة بكل فئة من املوظفني بغية توفري ال ضمانات للموظفني وت شمل هذه التدابري: اللوم والإنذار اأو ح سم املرتب اأو التوقيف عن العمل لفرتة زمنية حمددة أاو ال رصف من اخلدمة اأو الف صل من الوظيفة أاو الإحالة اإىل املعا ش أاو العزل من الوظيفة مع احلرمان من كل اأو بع ض املعا ش أاو املكاف أة. ويتمتع املوظف يف جمال الت أديب بال ضمانات لت أمني عدالة العقوبة الت أديبية وت شمل هذه ال ضمانات: اإجراء التحقيق وحق الإطالع على اأوراق التحقيق وحق الدفاع وحق التظلم. فال يجوز معاقبة موظف قبل التحقيق معه كتابة ويجب أان يكون القرار ال صادر بتوقيع العقوبة معلال. وامل ساءلة الت أديبية قوامها خمالفة املوظف لواجبات وظيفته اأما اجلنائية فقوامها الفعل ال صادر عن الأفراد. واإذا كان العقاب الت أديبي مي س املركز الوظيفي ومتعلقاته املادية واملعنوية ف إن العقاب اجلزائي ي صيب الفرد يف حياته اأو حريته اأو ملكيته. عرب تقارير الكفاية ت ستطيع الإدارة اأن تتعرف على اأوجه النق ص يف املوظف بغية عالجها بالإ ضافة اإىل الرتقية واجلزاء. ويجب التقييم وفق امل ستوى الوظيفي ولي س وفق الدرجة املالية الأمر الذي ي ستدعي الف صل بني الوظائف الإدارية والوظائف الفنية والتقنية. بغية تنظيم العالقة بني الإدارة واملوظفني يجب و ضع قواعد وقوانني ت ساعد يف إايجاد احللول مل شكالتهم الإدارية ويتوىل ديوان املظامل هذا النظر يف مدى مالءمة اجلزاءات الت أديبية التي توقعها الإدارات يف حق املوظفني مع م ستوى الإخالل واخلروج على الواجب الوظيفي. كما ميكن لها اأن تنظر يف تظلمات املوظفني من تقارير الكفاية واحلرمان من الرتقية يف ضوء املربرات التي يبديها املوظف وفقا للقواعد العامة. وقد تكون هذه الهيئة هي املحكمة الإدارية. من العوامل التي حتفز املوظف على العمل اجلاد والتفاين يف اخلدمة هو شعوره بالطم أنينة واإح سا سه بتحقيق طموحاته من خالل حت سني و ضعه من الناحية الأدبية واملالية. وتوؤدي الرتقية دائما اإىل هذا ال شعور لأنها احلافز احلقيقي للعمل والجتهاد وهذا ي ستدعي و ضع ضوابط ملنح الرتقية ومعايري ملراقبتها. وتتم الرتقية على اأ سا س اجلدارة والإجناز وت أخذ الأقدمية والكفاءة واملوؤهالت الدرا سية بعني العتبار. ومن ال رضورة مبكان حماربة ظاهرة ال ستثناءات واملخالفات للن صو ص والقوانني فالرتقيات التي تتم عرب الوا سطة والدعم جتعل املوظف الذي تنق صه و سيلة الدعم اأو الوا سطة يعمل بي أ س واإحباط وبالتايل ست ضيع م صالح املواطنني بني الإحباط وال ستهتار. اأ صبحت م س ألة اإعادة النظر يف اللوائح اخلا صة بالأجور واملرتبات والعالوات ملواجهة غالء املعي شة من الأزمات امل ستع صية على احلل يف معظم الدول العربية ف أنظمة معظم الدول العربية با ستثناء دول اخلليج ل تراعي تقلبات الأ سعار وتغري الظروف ب شكل دراماتي مع العوملة فاحلا صل حاليا ملعاجلة هذا الو ضع ل يتجاوب اإطالقا ول يرتقي اإىل حجم امل شكلة لأن ما يجري هو زيادات طفيفة متثل ن سبة ضئيلة يف مواجهة التغريات الرهيبة يف احلياة املعي شية. ل بد اإذن من اإيجاد حلول جذرية ملعاجلة هذا الو ضع امل ر ضي الذي أادى اإىل ا ستفحال الر شوة والف ساد وخف ض من م ستوى الأداء يف خمتلف املج لت واملرافق واأد ى اإىل مزيد من الفقر و شج ع تو سع ال سوق غري الر سمية. ويجب تنبيه املوظف اإىل خطورة ف ضح الأ رسار اأو بيعها اإىل الأ سواق املالية اأو امل ضاربني يف العقارات. واأحيانا تكون الأ رسار متعلقة بالأمن الوطني فالكتمان يف اخلدمة العامة هو رشط الأمانة الأول. وجتنبا لإف شاء الأ رسار يجب احليطة واحلذر لدى التحدث يف الأماكن العامة اأو يف الهاتف. كما يجب النتباه لعدم ن سيان ملفات مهمة اأو وثائق على املكاتب اأو ا صطحابها اإىل البيت اأو اإىل ال سيارة ال شخ صية اأو الإلقاء يف سلة املهمالت كما يجب متابعة دورة املرا سالت ومراقبتها بدءا بطباعة الر سالة اإىل اإي صالها ل صاحبها. إان ف ضح رس مهني اأو اإداري هو خط أ حتى لو كان امل بلغ به زميال يعمل يف الإدارة نف سها لأن امل شاركة يف حتمل ال رس قد يلحق الأذى بحامله اأو امل شارك يف حمله. م س ألة الطاعة هي اأي ضا من القيم التي حتتاج اإىل معاجلة خا صة كق ضية الكتمان فالطاعة التي تنبع ب شكل مبا رش من الرتتيب الهرمي يف اخلدمة مفرو ضة على كل موظف ب رصف النظر عن رتبته اأو درجته فهي رضورية يف القطاع العام اأو اخلا ص بهدف بناء الثقة وملحاربة ال صدف فاملدير الذي ل يثق مبوظفيه اأو ل يعتمد عليهم يخلق و ضعا يوؤدي اإىل ال ضطرابات يف اخلدمة. تواجه الطاعة عدة صعوبات يف احرتامها واأوىل تلك ال صعوبات تتعلق مبن نطيع فهل يطيع املوظف رئي سه فقط وماذا عن طاعة ر ؤو ساء من اإدارات اأخرى ثم تكون الطاعة يف اإطار العمل املبا رش يف مركز اخلدمة ومن املفرت ض عدم 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

18 تعميمه. فمثال ط عة م ست س ري الوزير تكون جت وزا اإذا مل يكن هن ك مر سوم ر سمي بذلك وهل ي ط ع املدير اإذا ك ن خم لف لالأنظمة والقوانني وعليه ف إن واجب الط عة يتطلب املوافقة على املراقبة والتقييم لأعم ل املوظفني وامل سوؤولني. وعلى املوظف يف اخلدمة الع مة واخل سة حم ربة ثالثة اأخط ر قد تتهدد اخلدمة اأوله : اخلطر املهدد لل سحة الع مة للمواطن )الدم امللوث مثال ( وث نيه : رشورة حم ربة خداع املواطن )اإخف ء ح لة اخلدمة املقدمة( وث لثه : تف سيل امل سلحة ال سخ سية على ح س ب م سلحة املواطن. وعلى املوظف اأي س حم ربة اخلداع. وقد ي أخذ اخلداع سكل اإخف ء املوظف معلوم ت عن رئي سه اأو ك أن يكون الرئي س اآخر من يعلم ب مل رشوع الذي قدمه املوظف. واخلداع اأي س ك أن يقول املوظف اإن هذا الراأي هو راأي املدير وعدم الدف ع عن راأي الإدارة عرب ن سبه ملوقف سخ س فيه. واخلداع اأي س اأن يدع املوظف ملديره توقيع الر س ئل ال سلبية بينم يبقي الر س ئل الإيج بية لتوقيعه هو. واخلداع اأي س اأن يقدم املوظف اقرتاح ت مغرية للزمالء اأو للنق بة ويدع املدير يرف سه. واخلداع اأي س اأن يدع املوظف خط أ يتف سى وهو يعرف اأنه خط أ اأو دون اإخط ر ال سلط ت العلي بذلك. وخداع املوظف مير ب أربع مراحل: 1 اإخف ء املعلوم ت عن رئي س اأو ت أخري اإي س له له. 2 الكذب. 3 الحتج ج املكتوم والدائم اأم م امل ستمع على ت رشف ت وتوجه ت رئي سه. 4 التمرد على املدير واعتب ره غري ذي كف ءة لالإدارة. اأخريا تعترب الرغبة يف ت أكيد الأن م سدرا لنوعني من النحراف يف الوظيفة الع مة: 1 العتق د الذاتي ب أن على الآخرين القي م ب لواجب ت التي يرغبه وحتلو له ولو اأدى ذلك اإىل خدمة اخل سم اأو املن ف س. واأحي ن تخدم عب دة الكف ءة هذا النحراف. 2 يتن ق س ت أكيد الأن مع متطلب ت الوظيفة الع مة يف البتع د عن العواطف ال سخ سية والنزوات الفردية و رشورة الكتم ن فيم يتعلق بطموح ت املوظف. و الأن مكروه يف الإدارة وهو ع دة يتج سد عرب التوقيع. ولهذا تف سل الإدارة يف كت ب ته ا ستخدام اأ سلوب الغ ئب: من املن سب يظهر اأن وتتجنب ا ستخدام الأن. لكن املدير ينتظر من مروؤو سيه التزامهم ال سخ سي. ومن هن برزت اأهمية الت أ سرية التي ت سمح للموظف بو سع راأيه ال سخ سي على م رشوع م س غ من قبل سخ س اآخر. ووفق هذه املق ربة ي سبح التوقيع مهمة قرار وم سوؤولية ولي س و سيلة لإبراز الأن. بالن ضبة لتلبية دعوة ملوظف لعام للم ضاركة يف أعمال ملوؤ ر ت فذل يتاأتى وف ضي ثالث: 1 اأن يكون املوظف املتحدث الرئي سي يف املوؤمتر فتكون م س ركته على ح س ب الداعي اأ سوة ب ملتحدثني الآخرين. 2 اأن يكون املوظف متحدث ولكن لي س رئي سي وتعود م س ركته يف هذه احل لة اإىل قرار رئي سه املب رش. 3 الدعوة للح سور كم ستمع. ويف هذه احل لة يجب رف س القبول بتلبية الدعوة على ح س ب اجلهة الداعية ف مل س ركة يجب اأن تكون على ح س ب اخلدمة التي يعمل فيه املوظف اأو على ح س به اخل س. حقو ملوظف لنقابية يف كثري من الدول اأ سبحت الواجب ت الأدبية ت بعة اإم للق نون الإداري واإم للق نون الو سعي اأو الع م. وك نت تدعى يف الأ سل علم الواجب ت واأقر الق نون احلقوق النق بية للموظف. وت ستطيع ال سلطة الإدارية الطلب من النق بة اأن تقدم له م يثبت ال سفة التمثيلية مل سوؤوليه )اأن يكون امل سوؤول النق بي قد جرى انتخ به وقد سدد ا سرتاك ته ويتمتع ب أقدمية وخربة وت أثري وب أنه م ستقلw عن اإدارتهن وذو سمعة ديونطولوجية جيدة(. ومه م النق بة هي املط لبة ب حرتام رشوط عمل مالئمة ت سمل: عدد س ع ت العمل وال س ع ت الإ س فية والراحة اليومية والأ سبوعية والإج زات وحق التق عد واملع س ثم سم ن ال رشوط ال سحية والأمنية للموظف والتف و س ب س أن الأجر والتكوين املهني امل ستمر والتكوين النق بي. اأم حري ت املوظف الأ س سية فهي: حرية الراأي والتجمع والإ رشاب وحق احلم ية من قبل الإدارة يف ح ل تعر سه ملالحقة ق نونية ب سبب خط أ مهني سدر عنه مب رشة اأو ن بع من طبيعة الوظيفة التي ي سغله. يف املق بل على املوظفني والنق بة احرتام الواجب ت الأدبية وعلى راأ سه : واجب الط عة والن سب ط واحرتام الرتتيب الهرمي والنزاهة وال ستق مة والأم نة والإخال س وواجب التحفظ والكتم ن املهني واإعالم امل سوؤولني عن املخ لف ت الإجرامية. ويتحمل املوظف م سوؤولية جزائية يف ح ل و سع حي ة الآخرين يف خطر حتى لو ك ن ذلك عن غري ق سد. كم يتحمل م سوؤولية جزائية اإذا جت وز سلطته بق سد وخ ن النزاهة ك لف س د والإجت ر ب لت أثري وك سف اأ رشار مهنية اأو خدمة م س حله ال سخ سية بطريقة غري ق نونية. اأم العقوب ت الت أديبية فتختلف ب ختالف البلدان والثق ف ت والقوانني املعمول به ولكنه يف الغ لب تتفق على م يلي: أول ت أمني حق املخ لف ب لدف ع عن نف سه والطالع على ملفه. اأم العقوب ت الت أديبية فذات اأربع درج ت تبداأ ب لإنذار والتوبيخ اإىل اإلغ ء ا سم املوظف من ق ئمة الرتقي ت وتخفي س درجته وطرده من الوظيفة ملدة اأ سبوعني. اأم عقوب ت الدرجة الث لثة فهي تخفي س الرتبة والف سل املوؤقت لفرتة ترتاوح بني ثالثة اأ سهر اإىل سنتني. وعقوب ت الدرجة الرابعة هي يف حتويله اإىل املع س وطرده ويتطلب ذلك وجود رق بة ق نونية مزدوجة لفح س ق نونية ونزاهة العقوب ت اجلزائية التي يتخذه املجل س الت أديبي اأو املحكمة الإدارية. احلكم الر سيد والإ سالì الإداري... لكن امل سكلة تكمن يف تزايد انعدام الثقة بالإدارة العامة وه ما ينعك ص سلبا على رشعية احلك مة وامل ؤ س سات... متي زت احل س رات الإن س نية ب خرتاع وتطوير اأ س ليب احلكم فيه وفق ت ريخه وجت ربه وثق فته وا ستج بة لقيم الدي نة فيه. وب لت يل ل يوجد منوذج واحد للحكم واإمن هن ك اأنظمة حكم تتف عل وتتكيف يف اإط ر امل سمون واأ س ليب التنفيذ وفق قيم ومب دئ م سرتكة بني احل س رات انبثق عنه م ي سمى اليوم ب لواجب ت الأدبية اأو علم الواجب ت. واحلكم الر سيد الن جح هو الذي يوفق بني للم س همني املختلفة امل س لح واملمولني وال رشك ء والزب ئن واملوردين واملق ولني. ومع يريه للتوفيق بني م س لح قد تكون هي كثرية اأحي ن متن ق سة ب حرتام الواجب ت الأدبية بغية خدمة امل سلحة الع مة عرب تطوير احلوار مع الأطراف امل س ركة. الدولة وتتحمل يف اأ س سية م سوؤولية اجليد احلكم سم ن وهذا والر سيد. دعم منه يتطلب احلكم موؤ س س ت الوظيفة واإ سالح الع مة وتقوية القدرات وحت سني الإدارية التخطيط املركزي واملحلي املوؤ س سة ثق فة وتعميم ل سم ن ال سف فية وملح ربة القدرات وتعزيز الف س د القت س دية على امل ستويني املحلي والوطني وفق للمرافق القت س دية املتوافرة ثم اإ رشاك املجتمع املدين والقط ع اخل س يف حتمل م سوؤولي تهم. واحلكم الر سيد ي سعى اإىل التخطيط وتنظيم املدن والأحي ء واإىل ال سيطرة على 18

19 تو س عه الع سوائي ب لت س ور والتع ون مع املنظم ت الجتم عية واجلمعي ت الأهلية وممثلي الأحي ء والقرى. ومن اأجل حتقيق التنمية امل ستدامة ف حلكم الر سيد يتطلب تدعيم دولة الق نون يف جم لت خم سة: أول حلكم لدميقر طي املبني على تفعيل الربمل ن ودعم املوؤ س س ت الدميقراطية واملجتمع املدين ورع ية حقوق الإن س ن ودعم الأطر الق نونية لالأحزاب واجلمعي ت. ثانيا حلكم لإد ري: حت سني و س ئل عمل الإدارات الع مة وتقوية التن سيق والت س ور والتع ون بني الوزارات املختلفة وحم ربة الغ س والف س د و سم ن ال سف فية واحرتام الواجب ت الأدبية. ثالثا حلكم ملحلي: دعم التنمية الريفية واملحلية وتدعيم م س ر الالمركزية. ر بعا حلكم لقت ضادي: تقوية القدرات الوطنية يف اإدارة القت س د وامل ل ودعم وتطوير القط ع اخل س. خام ضا دعم ت وير برنامج وطني للحكم لر ضيد يت سمن اإ سالح الوظيفة الع مة وو سع ا سرتاتيجي ت لتحقيق لمركزية التعليم وال سحة وخل سخ سة جزئية لبع س مرافق اخلدم ت الع مة. واحلكم الر سيد لدى القط ع اخل س يتطلب من ال رشك ت احلوار مع ال رشك ء واإيالء الهتم م والتف عل مع حميطه الجتم عي والثق يف والقت س دي والبيئي وكذلك التقليل من املخ طر وتوقع التزام ت م ستقبلية واختي ر ال سرتاتيجي ت ال سحيحة. فعلى ال رشكة اأي س الهتم م براأ س امل ل غري امل دي اأي براأ س امل ل الب رشي وهو اأ س سي للمن ف سة ول سمعة ال رشكة و سورته لدى الراأي الع م وكذلك ل سي سة املوارد الب رشية ذات امل ستوى والكف ءة الع لية. وهن ك اأربعة اأنواع خمتلفة للحكم واإن ك ن ل بد من التن سيق والتف عل والتك مل بينه لأنه ذات اأ س ليب خمتلفة ولكنه تتحمل م سوؤولية اإدارة سوؤونه امل سرتكة: 1 حكم الدولة: وي سمل املق طع ت والألوية واملح فظ ت. والدولة هي امل سوؤولة عن تطوير الإدارات الع مة واإجراء اإ سالح ت وتغريات وتعديالت هيكلية وكذلك تطوير التع ون مع الدول الأخرى واإق مة العالق ت وو سع الربامج القت س دية وال سي س ت. و سنعود لحق اإىل دور الدولة يف الإ سالح املوؤ س س تي. 2 حكم البلدي ت واملج ل س املحلية: هذا النوع من احلكم يتميز مب س ره التن سيقي بني الف علني واملجموع ت الجتم عية واملن س آت بغية حتقيق اأهداف حمددة مت اإقراره يف بيئ ت متف وتة التطور ومتع ر سة امل س لح. اأم حكم املدن ب لذات فهو اأي س القدرة على ت أ سي س اإط ر جم عي للعمل الت س مني والتفكري ال سرتاتيجي اجل مع بني الف علني الأ س سيني على م ستوى القرار ال سي سي. ويف احلكم املحلي يتم خلق ال رشوط مل س ركة املواطنني ب مل س ريع منذ سي غته اإىل مرحلة تقييمه. وحكم املدن واملن طق يتطلب تطوير ال رشاكة بني القط عني الع م واخل س وحتمل امل سوؤولية امل سرتكة يف اإدارة امل س ئل الع مة يف من طق متف وتة الحتي ج ت وامل ستوي ت. 3 احلكم الع ملي: وهو خ س مبوازين القوى املختلفة والعالق ت بني احلكوم ت واملنظم ت غري احلكومية واملنظم ت الدولية وامل لية واملنظم ت الإقليمية. وهدف هذا النوع من احلكم هو خلق نظ م ع ملي جديد والهتم م ب لبيئة واإع دة توزيع الأدوار على امل ستوى الع ملي وفق اجليو سرتاتيجي ت الن سئة واجلديدة. وهذا امل س ر يف العالق ت الدولية يتطلب التع ون بني م س لح متن ف سة واأحي ن مت س رعة. فهو نظ م معقد للف علني يف ع مل اليوم ول يزال نظ م القرار والتن سيق بني اأطرافه يف منظمة التج رة الع ملية وخ رجه سعيف. 4 حكم ال رشك ت: املق سود بذلك ال رشك ت املتعددة اجلن سي ت وع برة الق رات وال رشك ت الكونية والأ سواق امل لية وال رشك ت الع مة واخل سة ومتو سطة احلجم وال سغرية واملن س آت والقط ع ت املهنية مثل ال سحة واجل مع ت وقط ع الت سغيل. وم مييز هذا النوع من احلكم هي حيثي ت التن سيق واأنظمة التب دل وفيه تتجلى سلطة امل س همني والقي دة والزب ئن وم سوؤولي ت جم ل س الإدارة. ويتميز حكم ال رشك ت اأي س ب لف سل بني الت سيري وال سبط والرق بة. ومرجعية حكم ال رشك ت هي العالق ت بني اإدارة ال رشكة وجمل س الأمن ء )جمل س الإدارة( وامل س همني واجله ت الأخرى املعنية. واحلكم يف ال رشكة يقرر البنية التي حددت مبوجبه اأهداف ال رشكة وو س ئل حتقيقه و سم ن رق بة النت ئج املنجزة وتعتمد جودة ال رشكة على قدرة خلق احل فز لدى الإدارة وجمل س الأمن ء ملت بعة حتقيق الأهداف وفق م س لح ال رشكة وامل س همني مع ت سهيل الرق بة الف علة للنت ئج املح س لة. وهن ك اختالف بني النموذج الأجنلو س ك سوين والنموذج الأوروبي حلكم ال رشك ت ف لنموذج الإجنليزي / الأمريكي يتحدث عن holder share اأي م ن يودع عنده الره ئن ريثم ت عرف النتيجة )م ستلم الره ن( والهدف املرجو هو زي دة القيمة الربح للم س هم اإىل اأق سى حد ممكن. اأم النموذج الأوروبي stake holder )ح مل ال سهم امل يل( فيعني اأقل غنى للم س هم بهدف الدف ع اأي س عن م س لح الأطراف ك فة ذات العالقة ب ل رشكة )ذوي الأجر والزب ئن وامل س همني والقي دات( فوفق هذا النموذج من واجب ال رشكة اإر س ء ك فة ذوي امل س لح فيه. وجمل س الإدارة هو الهيئة املخولة يف حتديد ا سرتاتيجية ال رشكة يراقب ويتفح س النت ئج املنزجة على املدى الطويل وتقع عليه م سوؤولية سبط الإدارة والن س ط ت وهو اجلهة املخولة بتعيني واإق لة رئي س جمل س الإدارة واملدراء الع مني ومن حقه احل سول على املعلوم ت ال رشورية ك فة. اأم واجب ته فهي: 1 يحرر وي س دق على وث ئق املح سبة املختلفة. 2 يدعو اإىل اجتم ع ت اجلمعية العمومية للم س همني. 3 يعني قي دات الإدارة اجلديدة. 4 يحرتم رشية املعلوم ت املزو د به. 5 يجيب عن اأ سئلة امل س همني املكتوبة اأثن ء اجتم ع ت اجلمعية العمومية. اأم الإدارة فوظيفته اعتم د التوجه ت لالأمد الق سري بهدف تطبيق ال سرتاتيجية التي اأقره جمل س الإدارة بوا سطة ت سيري واإدارة الو س ئل والإمك ن ت امل لية واملوارد الب رشية والتقنية. وعلى الإدارة حترير نت ئج اإجن زاته يف تقريره ال سنوي اإ س فة اإىل اعتم د احل س ب ت اخلت مية. واملرجو من القي دات الإدارية اأن تقدم اإ س فة نوعية لل رشكة بف سل خربته وجت ربه و سبكة عالق ته وروؤيته امل ستقبلية وعدم ت أثره ب لأحداث اليومية. اأم القي دة اجلم عية يف جمل س الإدارة فهي بال سك الورقة الرابحة الأ س سية. لو جبات لأدبية لل رشكات: ل يوجد حكم جيد ل رشكة دون واجب ت اأدبية ذات قيم ومرجعي ت اأخالقية و سلوكي ت حميدة لالأفراد. وتلعب الإدارة دورا رئي سي يف ن رش القيم واحرتام وتطبيق الواجب ت الأدبية. واأهم تلك القيم يف ال رشك ت: جتنب ت س رب امل س لح. جتنب اإف س ء الأ رشار وا ستغالل المتي ز التف سيلي واحل سول على املعلوم ت. توخي ال سف فية والدقة ب ملعلوم ت املقدمة من امل س عدين اإىل امل سئولني. بن ء عالق ت تخدم الزب ئن وت سهل عمل املوردين وجتنب تلقي الهداي واحلذر من قبول بع س الدعوات املغر سة اأو امل سبوهة. احلذر واليقظة يف بن ء العالق ت مع ع مل الإدارات الأخرى وع مل ال سي سة. كم حتتم الواجب ت الأدبية على املدير الإداري )Administrator( يف رشكة م سجلة يف الأ سواق امل لية )البور سة( اأن يطلع اأول 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

20 على الواجبات العامة واللتزامات التي سيتولها قبل قبول مهامه كمدير. ومن واجبه كذلك اأن ي أخذ علما بالأنظمة الداخلية والن صو ص القانونية والأنظمة الإجرائية والواجبات الأدبية وكيفية عمل ال رشكة مبا يف ذلك طرق عمل جمل س الإدارة. واملفرو ض اأن يكون املدير م ساهما يف ال رشكة ب شكل شخ صي وميلك عددا من الأ سهم اأو اأن ي شرتي اأ سهما لدى تول يه مهامه. ولكن رغم م ساهمته فهو ميثل امل ساهمني كافة وعليه العمل وفق م صلحة ال رشكة واأن يخ ص ص الوقت الكايف للقيام مبهامه. ويف حال ممار سته ملهام تنفيذية يف رشكات أاخرى فهو ل ي ستطيع اأن يكون ع ضوا يف أاكرث من اأربع رشكات اأخرى سواء كانت أاجنبية أاو من خارج جمموعته. وعلى املدير الإداري )Administrator( واجب اإخطار جمل س الإدارة يف حال تناق ض امل صالح اأو احتمال ذلك وبالتايل عليه جتنب امل شاركة يف الت صويت لدى مناق شة تلك امل سائل التي فيها تناق ض مع م صالح خا صة به. ومن واجبات املدير الإداري اأي ضا أان يكون مواظبا على ح ضور الجتماعات واأن يزو د رئي س جمل س الإدارة باملعلومات املنا سبة وال رضورية كافة لبنود جدول الأعمال ي ستثني من ذلك املعلومات املهنية ال رسية. ويجب على املدير الإداري أان يتمنع عن تنفيذ عمليات اأو صفقات يف اأ سهم ال رشكة م ستفيدا من معلومات يعرفها وحده بحكم عمله ومل تن رش بعد وعليه الإعالن عن ال صفقات والأعمال كافة التي ينفذها وفق القانون والأنظمة املعمول بها. ومن املفرت ض يف ال رشكات تو ضيح الفروقات والتمييز بني دور رئي س جمل س الإدارة ودور املدير العام فيها ويف ضل اأن تكون غالبية اأع ضاء جمل س الإدارة من امل ستقلني. وعلى الإدارة تدريب اأع ضاء جمل س الإدارة على عملهم ومهامهم متا شيا مع مبادئ الواجبات الأدبية واحلكم الر شيد. وقد اأجرت بع ض احلكومات اإ صالحات مهمة يف اإطار تطوير حكم ال رشكات خا صة تلك امل سجلة يف الأ سواق املالية )البور صة(. فاعتمدت بلجيكا دليال خا ص ا بحكم ال رشكات يحفز على احلكم اجليد عرب احرتام املبادئ التالية: و ضع مهمة اأو ر ؤوية ك إطار مرجعي لإدارة ال رشكة. التوجه اإىل م ست شارين قانونيني من خارج ال رشكة. و ضع ب ني منا سبة لإر شاد الإدارة. اختيار إادارة قادرة على الإجناز وحتقيق النتائج. اإ رشاك م ساهمني ملتزمني. حتقيق التعاون والتفاعل ال سليم بني جمل س الإدارة والإدارة وامل ساهمني. ويعتمد حكم ال رشكات يف بريطانيا على البحث عن نظام إادارة ورقابة يوفق بني الفاعلية يف ت سيري ال رشكة و ضمان الأمان للم ستثمرين والأمن لل رشكاء. ويف الإ صالح الذي اأقرته احلكومة الربيطانية يف أاواخر الت سعينيات جند ت أكيدا على تقوية دور جلان التعيني واإحلاحا على م س ألة الأجر ومكاف أة راأ س املال. اأما فرن سا فقد اأجرت اإ صالحاتها يف بداية الألفية الثانية على النحو التايل: على ال رشكات كافة سواء م سجلة يف البور صة اأم ل اأن تختار بني اأن يكون لها جمل س اإدارة أاو جمل س تنفيذي Directoire( رقابة و إادارة(. الف صل بني مهام رئي س جمل س الإدارة واملدير العام. تزويد امل ساهمني باملعلومات كاملة عن ال رشكة. القيام بتفح ص تنظيم وطرق عمل والع ضوية يف جمل س الإدارة ب شكل دوري. ضمان وجود ع ضوين م ستقلني على الأقل من بني اأع ضاء جمل س الإدارة. ا ستحداث جلنة ح سابات وجلنة جزاء اأو مكاف أة راأ س املال. وبعد ف ضائح اأرنون و اأندر سون و ويرلدكوم يف بداية الألفية الثالثة والذي اأودى موؤخرا اإىل مادوف واأمثاله صدر قانون أامريكي جديد. وهذا القانون يجرب ال رشكات امل سجلة يف الأ سواق املالية )البور صة( أان تقدم اإىل اللجنة الأمريكية لعمليات البور صة ح سابات موقعة من ق ب ل رئي س ال رشكة. كما ن ص القانون اجلديد على دعم ا ستقاللية املراقبني عن قيادات ال رشكات وقد طبق هذا القانون أاي ضا على ال رشكات الأجنبية ذات امل صالح يف الوليات املتحدة الأمريكية. اأما الإجراءات الإ صالحية التي اأقرها رئي س اللجنة الأمريكية لعمليات البور صة فهي: 1 منع مدراء الإدارة )Administrators( من الع ضوية يف جمل س الإدارة يف اأكرث من رشكتني م سجلتني يف البور صة. 2 إالزام جمل س الإدارة اأن يجتمع يف ال سنة ثماين مرات على الأقل. 3 إالزام جمل س الإدارة بزيارة مواقع ال رشكات واملن ش آت. 4 إالزام مدراء الإدارة باحل صول على تدريب جديد سنوي ا بهدف اإدراك أاف ضل واطالع أاو سع على ال رشكة وعلى قطاع تخ ص صها. 5 حرمان املدراء الإداريني من البقاء ويف وظائفهم ملدة تزيد عن ع رش سنوات. 6 منع دفع رواتب املدراء من ال Stock. option إ صالح الوظيفة العمومية: اأدت العوملة اإىل اإعادة صياغة دور الدولة ومهامها وو ضعت املبادئ والقيم التي تتطلبها إادارة ال س ؤوون العامة حتت املجهر. وهكذا اأ صبحت القيم املهنية والأخالق املرتبطة بها اأ سا سية يف العمل العام واخلا ص. فلو س ألنا مواطنا عربي ا اأو أاوروبي ا أان يعدد لنا امل سائل التي يجب اأن يحرتمها املوظف ويت رصف وفقها أاو تلك التي يجب اأن يت ضم نها دليل الواجبات الأدبية فغالبا ما تكون اأجوبة العربي والأوروبي مت شابهة اإىل حد بعيد كما اأ شارت اإىل ذلك بع ض الدرا سات الجتماعية. وميكن تلخي صها كالآتي: حب العمل امل تقن واحرتام امل ستفيدين من اخلدمة العامة واحليادية وعدم النحياز وعدم ت سيي س الإدارة والنزاهة والكرامة والتفاين يف خدمة امل صلحة العامة والأمانة والإخال ص والوفاء ملوؤ س سات الدولة والكتمان والتحفظ والتمتع بح س اخلدمة العامة وحماربة الف ساد وال ضمري املهني احلي وحماربة الإهمال والغياب عن العمل دون مربر واحرتام الرتتيب الهرمي والفاعلية والكفاءة والنزاهة وتف ضيل امل صلحة العامة على امل صلحة ال شخ صية وتنمية ال شعور بامل سوؤولية والبحث عن الإن صاف. فهذه الأجوبة العفوية للمواطنني من حو ض البحر الأبي ض املتو سط ل تختلف عملي ا عن دليل الواجبات الأدبية الذي يدعو اإىل واجب خدمة امل صلحة العامة واحرتام رسية املهنة والتحفظ املهني والكتمان وواجب اإعالم اجلمهور باحلقائق وواجب تنفيذ املهام املوكلة للموظف وواجب الطاعة واحرتام الرتتيب الهرمي وجتنب اجلمع بني وظيفتني وواجب رقابة املوظفني الذين ينتقلون من القطاع العام اإىل اخلا ص للت أكد من عدم وجود ف ساد اأو ر شوة أاو غ ش. صحيح اأن الأخالق ل تتمتع ب صفة قانونية مبعنى اأن خمالفتها ل ت ؤودي اإىل خمالفة للقانون املدين اأو اجلزائي اأو التجاري. فمثال حب العمل املتقن هو نظام سلوك وخمالفته ل توؤدي اإىل عقاب قانوين اأي اإن الأنظمة الأخالقية ل تعني بال رضورة اأنظمة قانونية. اأما الواجبات الأدبية التي ت ضم أانظمة الأخالق املهنية ضمن القانون املدين اأو اجلزائي اأو التجاري اأو العام في عاق ب خمالفوها. ويف بع ض الدول يتوىل م سوؤولية املحا سبة واجلزاء هيئات اأو أانظمة ان ضباط. كانت هذه اإذن اأجواء العوملة ونتائجها خا صة بعد و صول رونالد ريغان ومارجريت تات رش إاىل احلكم يف اأمريكا وبريطانيا يف الثمانينيات من القرن الع رشين اإذ اأدت ال سيا سة التي اتبعها كل منهما اإىل اإعادة النظر بدور القطاع العام والوظيفة العامة و رشعا يف عمل اإ صالحات بالوظيفة العمومية شملت: ت شجيع الالمركزية لتقريب امل ؤو س سات العامة من املواطنني وتر شيد البنى التنظيمية والهيكلية وت أكيد رضورة الف صل الوا ضح بني الف ضاء ال سيا سي والإدارة العامة و ضمان ا ستقاللية املوظفني العموميني وحتديد اأف ضل ملهامهم وللكفاءات املرجوة من املوظف والتي تتطلبها الوظيفة. ثم رضورة زيادة امليزانيات املخ ص صة للتكوين املهني واأخريا ت سهيل التبادل بني موظفي القطاع العام واخلا ص. وكان الرئي س الأمريكي وال سيدة تات رش يعتربان الدولة والقطاع العام غري 20

21 فاعلني وغري منتجني واأن تكلفتهما باهظة ويف الوقت نف سه امتدحا اقت صاد ال سوق وقيمه والقطاع اخلا ص وديناميته. واأ صبحت ال رشكات واملن ش آت يف عهديهما هي املرجعية للتنظيم الجتماعي وقيمها هي املعتمدة وهي: الفاعلية والإجناز واملناف سة. وقد جنم عن ذلك منح قيمة للنجاح املايل ولقيم القطاع اخلا ص وللفردية يف اأوروبا ومعظم دول العامل. ومن نتائج تلك التغيريات يف عهد تات رش اعتماد بريطانيا يف يناير 1996 لدليل واجبات اأدبية يحدد اإطار عمل املوظف العمومي ودوره وواجباته ومعايري سلوكه وكذلك القيم التي ت ستوجب الحرتام ك ل ستقامة والأمانة واحليادية واملو ضوعية. ويفر ض الدليل على املوظف العام / العمومي احرتام الربملان واحلكومة وعدم ك شف الأ رسار اإل ب إذن م سبق وعدم ا ستغالل ال سلطة مل آرب شخ صية. ويحرم عليه التعبري عن راأيه أاو ن رش املق لت يف ال صحف يف م سائل مثرية للجدل. اأما يف فرن سا فال يوجد دليل واجبات اأدبية عام ساري املفعول على موظفي القطاع العام كافة ويف املقابل هناك أانظمة ولوائح وقوانني حتدد حقوق وواجبات املوظفني العموميني يف قطاعات العمل العام الثالثة )الدولة املحافظات والأقاليم وامل ست شفيات( وفيها من الأنظمة والإجراءات والقوانني ما يكفي لال ستغناء عن دليل شمويل للواجبات الأدبية. وقد اأن ش أت فرن سا جلان واجبات أادبية لقطاعات الوظيفة العمومية الثالثة. ال رشطة الفرن سية هي الوظيفة العمومية الوحيدة التي اعتمدت دليل واجبات اأدبية خا صا بها ي علق يف مراكز ال رشطة الفرن سية كافة. فال يزال العتقاد ال سائد يف فرن سا ب أن دليل الواجبات الأدبية هو ما ميي ز املهن احلر ة فكان أاول دليل لتلك الواجبات هو الدليل الطبي املعتمد منذ عام 1947 واأما املحاولت الراهنة يف فرن سا لو ضع دليل واجبات أادبية للوظيفة العمومية فهدفها حترير وا ستقالل الوظيفة العامة عن الدولة لكي تطور رقابة ذاتية. يف بلجيكا وبولندا وت شيكيا وهنجاريا )املجر( ل يوجد دليل واجبات أادبية للوظيفة العمومية بل هناك ن صو ص قانونية حول حقوق وواجبات املوظفني كما هو احلال يف فرن سا. اأما يف الربتغال واإيطاليا فهناك دليل واجبات اأدبية للوظيفة العمومية. اأما الو ضع يف الدول العربية فهو م شابه اإىل حد كبري للو ضع يف بلجيكا وفرن سا اإذ ل يوجد دليل واجبات اأدبية للوظيفة العمومية واإمنا لبع ض املهن احلرة كاملحاماة والطب والهند سة كما هو احلال يف بع ض الدول العربية. وبالن سبة للوظيفة العامة / العمومية ف إن هناك اأنظمة ولوائح وقوانني تف ص ل حقوق وواجبات املوظفني واإن اختلفت م سم ياتها من بلد إاىل اآخر. وعلى سبيل املثال ل احل رص ففي اململكة العربية ال سعودية ف إن ما يحدد حقوق وواجبات املوظفني املدنيني أاو العامني هو نظام اخلدمة املدنية ولئحته التنفيذية. ويف الكويت قانون اخلدمة املدنية. ويف عمان القانون الإداري. ويف م رص قانون العاملني املدنيني. ويف لبنان النظام اللبناين للموظفني. بينما ل يوجد يف املغرب العربي دليل واجبات أادبية اإل للمهن احلرة ويف املقابل هناك اأنظمة ولوائح قوانني حتدد حقوق وواجبات املوظفني العموميني م شابهة للو ضع يف فرن سا. وتعرتف قوانني اخلدمة املدنية يف الدول العربية ب أن الوظائف العامة نوعان: اإما دائمة واإما موؤقتة. ويعترب موظفا دائما كل شخ ص و يل عمال دائما يف اأحد املرافق العامة التي يحددها القانون ويعترب موظفا موؤقتا كل شخ ص و يل وظيفة اأن شئت ملدة معينة اأو لعمل عار ض اأي اإن الوظائف امل ؤوقتة هي الأعمال املحدد لها فرتة زمنية اأو مو سم معني وتنتهي بانتهاء تلك الفرتة اأو املو سم اأو بانتهاء العمل ذاته. ويتم اإن شاء هذه الوظائف واإلغ وؤها طبقا ملقت ضيات العمل وظروفه وعلى ضوء املبالغ املخ ص صة لذلك. ول ي ت قيد عند اإن شاء اأو اإلغاء الوظائف املوؤقتة بالقواعد والإجراءات التي تتبع بالن سبة للوظائف العامة الدائمة. ويف أاوروبا يوجد نظامان للوظائف العامة: نظام ال ستخدام )الت شغيل( ونظام التوظيف الدائم. ووفق نظام ال ستخدام / الت شغيل ف إن العمل يف الوظيفة العامة مماثل للعمل يف القطاع اخلا ص اإذ حتدد الوظائف وفق موا صفات خا صة ولي ست عامة ويتم ت شغيل املوظف للقيام ب أعمال حمددة وبق وؤه يف الوظيفة مرتبط بتلك الأعمال. ول مينح هذا النظام الأمان اأو الطم أنينة للم ستقبل املهني للموظف وهو نظام معمول فيه يف بريطانيا وال سويد والدامنارك وهولندا واأملانيا. وما مييز تلك الدول ال شمالية هو ت أثرها بالأنظمة امللكية لأن املوظف فيها يعمل يف خدمة امللك. وقد هي أت تلك العالقة املبا رشة وال شخ صية الأر ضية ال صاحلة لتطوير ثقافة اإدارية على قاعدة التفاو ض وتوقيع العقود الأمر الذي مه د لتبني نظام الت شغيل دون ضمانات خا صة للموظف با ستثناء ما نتج عن املفاو ضات واملكا سب التي ح صلت عليها النقابات ل صالح املوظف. اأما بالن سبة لنظام التوظيف الدائم ف إن الوظيفة العامة حمددة مبوا صفاتها وواجباتها وم سوؤولياتها وال رشوط الالزم توافرها فيمن ي شغلها وت صنيفها وترتيبها يف اإحدى املجموعات النوعية وتقييمها ب إحدى الدرجات وفقا للقواعد والأحكام وال رشوط والإجراءات التي يحددها القانون. ت صن ف الوظائف العامة بتجميعها يف فئات وتو صف خمتلف الفئات بحيث تت ضمن: اأو صاف كل فئة الإ سم الذي يدل عليها ومرتبها ح سب سلم الرواتب وو صفا عام ا لواجباتها وم س ؤوولياتها وكذلك بيانا باحلد الأدنى للموؤهالت املطلوبة ل شغلهان وت شمل املوؤهالت العلمية والعملية ودرجة املهارة املطلوبة. ومبا اأن كل شيء مقونن يف الوظيفة العامة ف إن املوظف ي شعر ب ل ستقرار والأمان والطم أنينة يف العمل. ويتبع نظام التوظيف الدائم يف كل من اإيطاليا واليونان وفرن سا و إا سبانيا والربتغال ويعود ذلك اإىل تاريخ تلك الدول التي ت أثرت بحركات ثورية وبع ضها مل يتنب النظام الدميقراطي اإل موؤخرا. وارت أت تلك الدول و ضع أانظمة وقوانني ل ضمان حيادية الإدارة العامة وعدم انحيازها اإىل نظام سيا سي بعينه 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

22 الأمر الذي نتج عنه تبني نظام يغلب عليه طابع الدميومة واملهنية يف الوظيفة العامة. ل شك أان اختيار نظام الت شغيل يخدم الرغبة يف تقريب الوظيفة العامة من اجلمهور ومن املجتمع املدين بينما يرتجم تبني نظام التوظيف الدائم الرغبة ال رصيحة بتف ضيل امل صلحة العامة. وقد يكون اخللط بني النظامني هو الأمثل والأنفع. ويبدو لنا أان هذا التنوع يف اخلدمة العامة ناجت عن عوامل مرتبطة بطبيعة الدولة فيما إاذا كانت فيدرالية اأو مركزية ومبفهوم الدولة مل صطلح امل صلحة العامة ودورها يف حتقيق أاهداف اخلدمة العامة وت أثري الإ صالح وحركة الالمركزية والتعددية الثقافية واللغوية يف بع ض الدول وكذلك التباين احلا صل اأحيانا بني الوظيفة العامة الوطنية واملحلية. اأما الدعوة إاىل ت سيري الإدارة العامة واحلكومات كما تدار ال رشكات اخلا صة فهي دعوة ذات بعد أايديولوجي تتخطى م س ألة فاعلية القطاع العام واإنتاجيته فهدف ال رشكات هو خلق الرثوة والربح بينما يت جه سعي احلكومة والإدارة العامة اأ سا سا إاىل حتقيق التالحم الجتماعي والوطني والنمو القت صادي والأمن والعدالة والرتبية والتعليم. لكن امل شكلة تكمن يف تزايد انعدام الثقة بالإدارة العامة وهو ما ينعك س سلبا على رشعية احلكومة واملوؤ س سات ويتغذى فقدان الثقة لدى املواطنني من الف ضائح الناجتة عن اأعمال م شينة يرتكبها بع ض املوظفني العامني ومن الف ساد والر شوة والبتزاز امل ست رشي يف بع ض الإدارات العامة اإ ضافة اإىل سوء ا ستخدام املوارد الب رشية والتقنية واإىل التباين املت صاعد بني القطاع اخلا ص املناف س وامل ستوعب للمعلوماتية والدينامي و رسيع احلركة والتنقل يف الوظائف واملوظفني والتغيري من مهنة إاىل اأخرى وبني قطاع عام مغلق على نف سه يف الإجراءات و أانظمة احلماية واملهنية والبطالة املقن عة. ويف تقديرنا ف إنه لي س من م صلحة القطاع العام اأن يقوم ب شكل اآيل بتبني أادوات القطاع اخلا ص ول نق صد بذلك اإهمال الفاعلية يف القطاع العام واإمنا الأخذ ببع ض تقنيات القطاع اخلا ص يف الإدارة والت شغيل وتطبيقها على اخلدمة العامة. كما يلزم حتديث إادارة املوارد الب رشية يف الوظيفة العامة وحت سينها وا ستيعاب التكنولوجيات احلديثة واملعلوماتية وحماربة الف ساد. إ صالح الوظيفة العامة: يف ظل النظام الدميقراطي يعترب املوظف العام خادم الدولة والف ضيلة فهو شخ ص م ستقيم يقوم بواجباته ومهامه دفاعا عن امل صلحة العامة ويعمل على إاكبار الدولة التي و ضع نف سها يف خدمتها. ويتمي ز املوظف العام ب إنكار الذات ول يت أثر بامل صالح اخلا صة ول ي شغل نف سه بالأنانيات. وتاريخي ا كان ي نظر اإىل الوظيفة العامة من منظار الكرامة والواجب الوطني ولكن الوظيفة العامة ل تزال عاجزة ش أنها ش أن الدميقراطية عن التعامل مع املال ب شكل طبيعي فهي تخاف من جاذبيته القوية نحو الذاتية والأنانية وترهب سلطته وت أثريه على الفرد وعلى عامل ال سيا سة. ودليل الواجبات الأدبية رضوري ملقاومة الإغراءات ول ستكمال الدميقراطية. تختلف نظرة اأمريكا اإىل امل صلحة ال شخ صية للموظف العام عنها يف أاوروبا ففي الوليات املتحدة الأمريكية تعترب امل صلحة ال شخ صية الدافعة واملحفز ملعظم الأعمال اخلريية والإن سانية وي سعى املوظف العام لزيادة م ستوى م صاحله ال شخ صية. ولكن ال سعي للم صالح ال شخ صية ل يعني جتاوز الأخالق بل يعني العك س متاما فعلى املوظف اأن يحرتم املعايري والقيم اخلا صة ب ل ستقامة والنزاهة وجتنب ت ضارب امل صالح أاي ضا. الغريب يف الثقافات الغربية وقوانينها حتى وقت قريب اأن اإف ساد اأو ر شوة موظف عام اأجنبي ل تعترب ف ضيحة ول يعاقب عليها القانون الوطني لأنه ل يخالفها. وحتى الآن مل جترم اأية دولة أاوروبية اإف ساد اأو ر شوة اأجانب با ستثناء اأمريكا موؤخرا. وكانت الدول الغربية تعترب ر شوة املوظف العام الأجنبي رش ا ل بد منه رغم خمالفته للقوانني الوطنية. منذ الت سعينيات فقط بداأت الدول الغربية تعي اأن ر شوة موظفي اجلنوب اأ صبحت مكلفة و ضارة ب لقت صاد العاملي لأنها تعطل قانون املناف سة وتعيق التنمية الجتماعية وتفقد ثقة امل ستثمرين واملوؤ س سات الدولية واملحلية واملواطنني بالدولة كما ت عر ض دولة القانون للخطر. ل شك اأن ما يعيق التنمية والدميقراطية هو ظاهرة الف ساد ب أحجامه واأ شكاله املتعددة لأن اأ سبابه كثرية ومعقدة وجند جذورها يف تاريخ ال شعوب وثقافاتها واأ سلوب حياتها. والف ساد ي ست رشي عندما تكون موؤ س سات الدولة ضعيفة اأو فاقدة ل رشعيتها اأو نتيجة الختالل الناجت عن ال سيا سة القت صادية للدولة. وت أثري الف ساد على القت صاد كارثي اإذ يتم اختال س امل ساعدات املخ ص صة للتنمية وحتويلها لأهداف شخ صية. كما أان الإدارة ال ضعيفة ل ت ستطيع اأن تلعب الدور املنوط بكوادر الدول. ويوؤدي الف ساد أاي ضا اإىل فقدان ثقة امل ستثمرين كما أان سعر اخلدمات واملمتلكات يزداد ب سبب الف ساد الذي ي شجع تطوير دورة اقت صادية موازية لقت صاد الدولة وهو القت صاد غري الر سمي اأو غري املنظم. وكل ذلك يحول دون حتقيق اأهداف التنمية امل ستدامة الأمر الذي جعل حماربة الف ساد يف بع ض الدول على سل م اأولوياتها. إان احلجم الهائل والتعقيدات املميزة لهذه الظاهرة يتطلب و ضع اأهداف متوا ضعة وحمددة ملحاربتها. واأول هذه الأهداف هو فهم ظاهرة الف ساد. فقبل عالج الظاهرة ل بد من معرفة كنهها وحتديد اأبعادها املتعددة وبعد عملية الت شخي ص يتم و ضع العالج املنا سب والفاعل. اأما الهدف الثاين فيجب اأن يكون ضبط الف ساد وو ضعه حتت املجهر لأن الق ضاء ال رسيع عليه غري ممكن بينما ميكن ضبطه ومراقبته وتقلي ص ت أثرياته ال سلبية بفرتة زمنية وجيزة ومعقولة اإذا جرى اعتماد مقاربة شمولية ملحاربته وهنا يلعب دليل الواجبات الأدبية واحرتامها وتطبيق القانون دورا فاعال. وهناك دول ربطت ت رشيعاتها يف حماربة الف ساد بالقانون الدويل وب لتفاقية الدولية ضد الف ساد التي اعتمدتها الأمم املتحدة يف 31 اأكتوبر 2003 يف جم لت تبيي ض الأموال. وجل أت دول اأخرى اإىل حمالت تثقيفية حتت شعار الأيادي النظيفة كموؤ رش لإجناز احلكم الر شيد وال شفافية. وو ضعت امل ساعدات القت صادية للتنمية حتت املراقبة كما قامت اأي ضا بتفعيل دور املجتمع املدين يف حماربة الف ساد. من حيث املبداأ ف إن قانون املال العام قد صمم بطريقة حتول دون اإمكانية و صول املوظف العام اإىل املال العام فقانون الوظيفة العمومية قد و ضع ونظ م ال رشوط واللتزامات التي حتول دون متلك املال العام. وخمالفة ذلك حت صل فقط يف ح لت ال رسقة والحتيال والن صب والبتزاز اأو يف حال ا ستخدام و سائل اخلدمة العامة لأهداف شخ صية مثل: ال سكن واخلدم وال سيارة وال سكرتارية والتليفون والأدوات املكتبية. اإىل اآخره. وبغية اإ صالح الوظيفة العمومية واإعادة العتبار لها لتلعب دورا فاعال يف املناف سة والتكيف لنتائج العوملة و سعيا ملحاربة الف ساد والنغالق على الذات يف الإدارات العامة. بادرت عدة دول اإىل اإ صالحات اإدارية وو ضع ت رشيعات جديدة وواجبات اأدبية خدمة للم صلحة العامة وللمواطنني ومتكينا للقطاع العام من مناف سة القطاع اخلا ص. ومن بني هذه الدول: اإ سبانيا اأ صدرت احلكومة الإ سبانية قانونا جديدا للوظيفة العامة يف 12/4/2007 يعدد قيم ومبادئ العمل يف الإدارات العامة خدمة للمواطن 22

23 واحرتاما للم صلحة العامة وهي: امل ساواة وال ستحقاق والكفاءة كمبادئ موجهة ملن يرغب يف اللتحاق بالوظيفة العامة واأنه لكي يح صل على ترقية. ف إن عليه التمتع بالقيم التالية: احليادية والفاعلية وال شفافية والتقييم وامل سوؤولية. ويف املادتني 52 و 54 يحدد القانون الإ سباين سلوكيات الوظيفة العامة ويعدد القيم املهنية مثل: احرتام امل ساواة والإخال ص واحليادية والنزاهة والفاعلية والكتمان املهني. ويذكر اأي ضا القيم الأخالقية للموظف مثل: اإيالء الهتمام والنتباه لالآخر واحرتامه واللطافة يف املعاملة و إاعالم اجلمهور وواجب متابعة التدريب وتقدمي القرتاحات لتح سني العمل وزيادة فاعليته. ويف الدامنارك اأ صدرت احلكومة املركزية عام 2003 وثيقة خا صة با سرتاتيجيتها ب ش أن املوظفني. وفيها تعداد ل أالخالق يف الوظيفة العامة والتي ت شكلجزءا منالقانوناخلا صباملوظفني وهذه القيم: امل ساواة واحليادية واملرونة والنزاهة والحرتام والتقدير وامل س ؤوولية املهنية والفاعلية. كما تعترب الوثيقة أان من واجبات املوظفني العموميني خلق قيم سلوكية للمواطنني و ضمان امل ساواة والنفتاح وال شعور بامل س ؤوولية والقدرة على التجديد. اأما يف كندا فقد مت اعتماد دليل الواجبات الأدبية للوظيفة العمومية يف سبتمرب 2003 وهدفه توثيق ع ر ى الثقة بني الوظيفة العامة واملواطنني. وينق سم هذا الدليل إاىل اأربع جمموعات قيمية: 1 القيم الدميقراطية وهدفها م ساعدة قادة الإدارة العامة يف خدمة امل صلحة العامة وفق القانون والد ستور. 2 القيم املهنية والتي تلزم املوظف العام خدمة املواطنني بكفاءة ومتيز وفاعلية ومو ضوعية وحيادية. 3 القيم املرتبطة بالأخالق والتي ت ستدعي العمل ب أ سلوب يحافظ على ثقة اجلمهور. و أاهم تلك القيم: الأمانة والعدل والكتمان والتحفظ والإدارة ال سليمة للموارد العامة. 4 القيم املرتبطة باملوظف نف سه وهي قيم: فر ض الحرتام واملجاملة والتعاي ش مع امل سوؤولني والزمالء واجلمهور وحتمل امل سوؤولية. وهكذا اأ صبحت م س ألة القيم والأخالق والواجبات الأدبية اإحدى حماور التحديث والإ صالح الرئي سية يف دولة مثل كندا. ويف فرن سا ف إن م صدر القيم للوظيفة العمومية هي املبادئ نف سها التي اأ س ست مبوجبها اجلمهورية الفرن سية يف د ستور 1848 وحتولت اإىل رموز للجمهورية يف د ستور 1958 وهي: حرية م ساواة أاخوة. ثم تليها يف املرتبة الثانية مبادئ ال ستمرارية وامل ساواة والتكيف للمتغريات وهذه املبادئ التي تعرف ب صفتها قوانني اخلدمة العامة تطبق على إادارات اخلدمة العامة كافة. وانطالقا من تلك القيم انبثقت قيم احليادية والعلمانية وتكاف ؤو الفر ص. وقد حددت اأنظمة 1946 واأنظمة حقوق وواجبات الوظيفة العامة. ويف بع ض تلك الأنظمة القانونية تناق ضات ي صعب التوفيق بينها فمثال على املوظف العام طاعة الرتتيب الهرمي ويف الوقت نف سه عليه المتناع عن تنفيذ الأوامر من روؤ سائه اإذا كانت غري قانونية. وتن ص تلك الأنظمة أاي ضا على أان املوظف حر يف آارائه ويف التعبري عنها ولكنه م لزم يف الوقت نف سه ب أن يتحفظ يف إابداء اآرائه اأو قناعاته حول اخلدمة التي يعمل بها. كما اأنه من املفرت ض بالن سبة له تزويد اجلمهور باملعلومات ويف الوقت نف سه عليه اأن يحافظ على الأ رسار املهنية وعليه بالكتمان. وعلى خالف الدول ال شمالية مل يبداأ التفكري يف فرن سا ب إ صالح الوظيفة العامة اإل موؤخرا ويعود ذلك إاىل القيم اجلديدة يف املجتمع الفرن سي وت أثري قيم القطاع اخلا ص على اخلدمة العامة اإذ إان عدة رشكات كربى قامت باعتماد وثيقة شاملة للقيم التي ت سري ها. ف رشكة اكور للفنادق تبنت قيما مرتبطة بالتجديد والإجناز وغزو الأ سواق والحرتام والثقة. اأما م رصف BNP Paribas ف أ صبحت قيمه اللتزام والطموح والإبداع والتفاعل. ويف القطاع العام فلكل جمموعة مهنية واجباتها الأدبية واملهنية التي صدرت ك أنظمة اأو قوانني اأو مرا سيم. فمثال قيم الإدارة العامة لل رضائب هي: املواطنية ال رضيبية ال رسية املهنية ال ستقامة امل ساواة اأمام ال رضائب املكفولة بعدالة اإن سانية تكافوؤ الفر ص الت ضامن ورعاية الفرد. ويف عام 2007 اأقرت وزارة القت صاد واملالية والعمل مرجعية قيم هي: احل س بالعمل واللتزام واجلدية والإخال ص وفن ال ستماع لالآخر وروح العمل اجلماعي والعمل كفريق. وقد قام ديوان املحا سبة ووزارة اخلارجية الفرن سية بت شكيل جلان اأخالقية كجزء من اإ صالح الوظيفة العامة فيهما. اأما يف بريطانيا فقد بداأ اإ صالح الوظيفة العامة يف عهد طوين بلري عرب اإعادة العتبار للقيم املهنية والأخالقية. فبالإ ضافة اإىل القيم التقليدية مثل: النزاهة وواجب التحفظ واحليادية والأمانة واحرتام ال رشعية وال ستمرارية اأ ضافت احلكومة الربيطانية يف يونيو / حزيران 2006 أاربع قيم جديدة هي: الفتخار واحلما س وال رسعة واخلفة املهنية واعتمدتها يف دليل الوظيفة العامة مع رشح لكيفية تنفيذها من قبل املوظف العام. و شكلت احلكومة أاي ضا جلنة مكونة من خم سة ع رش ع ضوا مهمتها مراقبة احرتام القيم املهنية واأخالقيات الوظيفة العامة. وكانت حكومة بلري وانطالقا من مفاهيم املرونة والإ صالح والتحديث قد طو رت نظاما ما اأ سمته الإدارة العامة اجلديدة Management" New "دفه Public املعلن و ضع حد لنظام التوظيف الدائم ل صالح نظام الت شغيل )ال ستخدام( وظهر مفهوم املرونة على اأثر التغريات الأ سا سية والجتماعية والقت صادية يف أاوروبا وما اأحدثته من انعكا سات على املتطلبات والتحديات التي تواجهها اخلدمة العامة. فقد عا شت اأوروبا يف الع رشين سنة الأخرية يف جو النفتاح القت صادي وتوحيد العملة فيها وتطوير سوقها امل شرتكة والنفتاح ال سيا سي على اأوروبا ال رشقية وما نتج عنه من جمود اقت صادي وارتفاع للبطالة وم شكالت اجتماعية وظهور رصاعات عرقية وقومية مما اأث ر سلبا على احلياة الجتماعية. وي ضاف اإىل ذلك ظهور وانت شار نظام اقت صادي جديد )العوملة القت صادية( ل سان حاله الد عاء ب أن ل حاجة لعمل الدولة والإدارة العامة واأن امل صاريف العامة ت شكل هدرا للرثوة واأنه على الإدارة العامة اأن تدخل اإىل عامل ال سوق واملناف سة. وهكذا وحتت شعار املرونة وحتديث الإدارة العامة والإ صالح مت تطوير ثقافة جديدة اأ صبحت م صطلحاتها: املناف سة والعقود والهدف والإجناز والتقييم والنتائج. واأ صبحت املوارد الب رشية تدار على قاعدة الالمركزية يف امل س ؤووليات وم سايرة اأنظمة ال سوق. والفكرة الرئي سية ل سيا سة الإدارة العامة اجلديدة هي تقريب طرق ت سيري اخلدمة العامة لطرق اإدارة ال رشكات اخلا صة عرب تقلي ص الهتمام يف تطبيق الأنظمة والإجراءات الإدارية البريوقراطية وعرب البحث عن الفائدة والربح وتطوير العالقات ذات الطابع التجاري واإيالء الأولوية لرت ضية املواطن ب صفته امل ستهلك للخدمة العامة ولي س امل دار من قبلها. وامل ستهلك م ع ني بالطبع اأن ت نجز اخلدمة املقدمة ب رسعة وفاعلية واأن تكون عالية اجلودة وهذا ما ميي ز النموذج الأجنلة ساك سون منوذج الليربالية املطلقة عن منوذج دول أاخرى ل تدع ال سوق تقرر كل شيء واإمنا ت سعى اإىل تطوير ما ي سمى باقت صاد ال سوق املعد ل الذي ي أخذ التالحم الجتماعي وحمايته بعني العتبار. 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

24 وبالن سبة للخدمة العامة اعتمد نظام الإدارة العامة اجلديدة سيا سة ما ي سمى اخلطوة القادمة ف أدخل على اخلدمة العامة املبادئ التالية: جتزئة الوحدات الإدارية الدعوة إاىل املناف سة امل س ؤوولية الفردية يف الت شغيل والت سيري و ضع آاليات و أادوات لقيا س الإجناز راقبة و ضبط النتائج إادارة املوظفني على طريقة القطاع اخلا ص التقطري يف منح املوارد خدمة امل ستهلك )املواطن(. ونتج عن هذا الإ صالح اإن شاء وكالء تنفيذيني مهمتهم تنفيذ املهام الإدارية اليومية وفق عقود مربمة مع وكالء م ستقلني. اأما ال س ؤوون ال سيا سية فبقي تنفيذها من س ؤوون الوزارة. ووفق اإ صالح الإدارة العامة اجلديدة مت اعتماد برنامج يدعى اختبار ال سوق هدفه التقييم الدائم للن شاطات والأعمال املنجزة يف اخلدمة العامة بغية اإقرار اأحد اأمرين: ال ستمرار يف ا ستخدام الوكالء التنفيذيني من خارج الوزارة عرب العطاءات اأم خ صخ صة اخلدمة العامة كلي ا مثل الأعمال اليدوية التي يقوم بها ذ و و الياقات الزرقاء ( إادارة احلدائق والقمامة( وكذلك ال رشكات العامة التي تدير امل ساكن ال شعبية وامل س ؤوولة عن تنظيم املدن واخلدمات املالية التي يتولها ذ و و الياقات البي ضاء. وقد ت أثرت بتلك الليربالية اجلديدة الدول الأوروبية ال شمالية املتبنية لنظام الت شغيل )ال ستخدام( مثل ال سويد والدامنارك وفنلندة وهولندا. والتي تتال شى فيها احلواجز بني القطاع اخلا ص والعام وتبن ي الأخري لقيم الفاعلية الفردية وال شفافية واإر ضاء امل ستهلك. اأما الدول العربية فبا ستثناء اأقلية منها ل تزال الغالبية مرتددة يف الإقدام على اإعادة النظر وحتديث الوظائف العامة واإ صالحها وجعلها اأقل بريوقراطية وتقلي ص البطالة املقن عة فيها ثم الإقدام على اتخاذ الإجراءات ال صارمة ملحاربة الف ساد واحرتام الواجبات الأدبية كالنزاهة وال شفافية والأمانة واجلدية يف العمل والإقدام على الإ صالح الذي ي ضع الإن سان والقيم الأخالقية يف اأولوياته هو الكفيل بتعزيز الدميقراطية وتقدمي خدمة اأف ضل تعيد ثقة املواطن بالإدارة العامة. اإ صالح كهذا. هو الذي سيمكن الدول العربية من ولوج العوملة كفاعلة وك رشيكة ت أخذ تطور حاجات املواطنني واهتماماتهم والتغريات احلا صلة يف البيئة والتقدم التكنولوجي ال رسيع والتفاعل القت صادي العاملي بعني العتبار بغية انتهاج ا سرتاتيجية جديدة جتعل من التنمية امل ستدامة املقاربة الفاعلة ل ضمان م ستقبل اأف ضل لالأجيال القادمة دون اإهمال حت سني وتطوير الو ضع الراهن. ماذا نعني بالتنمية امل ستدامة التنمية امل ستدامة... إان هذا النت شار الوا سع ملطلب التنمية امل ستدامة وتبني الدول واملجتمع املدين والقطاع اخلا ص له اإن دل على شيء فقد يدل على طوباويته... هل التنمية امل ستدامة م صطلح جديد اأو شعار اأو برنامج عمل فاجلميع ي ستخدمه واأحيانا دون اإدراك أاو تعريف وا ضح مل ضمونه فالدولة تتبنى ا سرتاتيجيات على اأ سا س التنمية امل ستدامة كربنامج عمل لتلك ال سرتاتيجيات. واملنظمات غري احلكومية ل تتوقف عن املطالبة بانتهاجه كمقاربة ت ستجيب لتوجهات املجتمعات املدنية. والقطاع اخلا ص عرب رشكاته الكربى قد أادخل يف براجمه وميزانياته بندا خا ص ا بالتنمية امل ستدامة. حتى رشكات الإعالن والإ شهار ووك لت ال سياحة ت ستخدمه يف دعاياتها وتلتزم به على مل صقاتها. إان هذا النت شار الوا سع ملطلب التنمية امل ستدامة وتبني الدول واملجتمع املدين والقطاع اخلا ص له اإن دل على على شيء فقد يدل على طوباويته لأن هذا امل صطلح قد حل عملي ا وعاملي ا مكان م صطلح امل صلحة العامة. فال ن ستطيع اليوم مثال اأن نتطرق اإىل الوظيفة العامة اأو امل صلحة العامة دون ذكر طبيعتها اجلديدة: التنمية امل ستدامة. التنمية امل ستدامة هي باخت صار ال ستجابة اأو تلبية احتياجات احلا رض دون م سا س القدرة على تلبية حاجات الأجيال القادمة. وبهذا التعريف فهي بالفعل الطبعة اجلديدة ولكنها عاملية للم صلحة العامة. اأما الأ سباب التي اأدت اإىل انت شار وتعميم هذا امل صطلح على امل ستوى الكوين فهي ذات أابعاد ثالثة: البعد البيئوي والجتماعي وال سيا سي / القت صادي. 1 املخاطر التي تهدد الكرة الأر ضية: تلوث املياه والبحار والتغريات املناخية وارتفاع حرارة اجلو والت صح ر واملخاطر التي يتعر ض لها التنوع البيولوجي. 2 البوؤ س الإن ساين: ا ستمرار الفقر وا ستفحاله وازدياد الفوارق بني الأفراد والطبقات وال شعوب و سوء التغذية ونق ص املياه ال صاحلة لل رشب والأمرا ض امل ستوطنة واحلرمان من اخلدمات ال صحية والتعليمية. 3 لفتقار إىل حكم ر شيد عاملي: اخللل والظلم احلا صالن يف العالقات الدولية بني الدول الغنية والفقرية و صعوبة تبني أانظمة تعمل ل صالح تنمية م ستدامة نظرا لعدم وجود حكم عاملي يفر ض على اجلميع احرتام املعاهدات والتفاقات والقرارات التي يتبناها املجتمع الدويل. ويطالب الفاعلون اجلدد يف العالقات الدولية وهم: املنظمات غري احلكومية وال رشكات بتبن ي التنمية امل ستدامة كمقاربة جديدة تعالج امل شكالت التي مت س الب رشية ككل حملي ا وعاملي ا وب أبعادها الثالثة: اقت صاد عدالة بيئة. وهذا التوجه يج س د بال شك بع ض الأوجه الإيجابية للعوملة التي خلقت وعيا كوني ا بوجود م سائل تهم سكان الأر ض ككل واأن هناك م شكالت ل تعالج فقط على امل ستويات املحلية والوطنية والإقليمية لأنها كونية الطبيعة واحللول. ظهر م صطلح التنمية امل ستدامة يف ت سعينيات القرن الع رشين كبديل مل صطلح التنمية الذي ولد مع احلرب الباردة ومات مع انهيار سور برلني فقد ارتبطت عقيدة التنمية ب إنهاء ال ستعمار يف اآ سيا واأفريقيا يف خم سينيات و ستينيات القرن املا ضي عندما طالب الرئي س الأمريكي هاري ترومان )1949( مب ساعدة الدول التي مل ت شهد الثورة ال صناعية واأ سماها يف حينه الدول املتخلفة حتى ل متيل اإىل املع سكر ال شيوعي من جهة ولت صبح اأ سواقا جديدة لل رشكات الأمريكية من جهة ثانية. ومفهوم التنمية هذا يدعو الدول الفقرية اإىل ال سري على خطى الدول ال صناعية لالنتقال من الفقر اإىل املجتمع ال ستهالكي. وقد خل صه القت صادي الأمريكي رو ستو )1960 )Rostow يف اجتياز خم س مراحل هي: املجتمع التقليدي املتخلف و ضع ال رشوط ال رضورية لالنطالق النطالق off( )Take التطور نحو الن ضوج وع رص ال ستهالك ال شعبي. وهكذا اأ صبح م صطلحا التنمية والنمو القت صادي مرتادفني واأ صبحت امل ساعدات الر سمية )احلكومية( للتنمية اأداة ا سرتاتيجية بيد الدول الغنية للحفاظ على مناطق نفوذها وفتح اأ سواق جديدة. وقد عر فت الأمم املتحدة )1986( التنمية ب أنها م سار شمويل اقت صادي واجتماعي وثقايف و سيا سي يهدف اإىل حت سني حياة الأفراد على قاعدة م شاركتهم الفاعلة واحلرة يف التنمية وامل شاركة العادلة يف خريات التنمية. ومبا اأن الرثوة املادية غري كافية يف تعريف التنمية فقد جل أ برنامج الأمم املتحدة الإمنائي اإىل و ضع م ؤو رش للتنمية الب رشية )1990( اأ ضاف إاليه ال صحة والتعليم كموؤ رشين مهم ني لكي يختار الإن سان طريقه بنف سه حيث اإن الدخل وحده غري كاف ل ضمان حرية الختيار وحتك م الإن سان بقدره وم صريه. بعد انهيار الحتاد ال سوفييتي وبني هبطت امل ساعدات الر سمية للتنمية ) Public Aid for )Development مبعدل 30% وحتولت من التنمية اإىل امل ساعدات الإن سانية يف ح لت الطوارئ وحدوث الكوارث سواء كانت من صنع الطبيعة كالزلزل والفي ضانات والأعا صري اأو من صنع الب رش كاحلروب الأهلية والقالقل والنزاعات الداخلية بل بد أات حملة منظمة ضد تقدمي امل ساعدات الر سمية للتنمية )PAD( اإىل احلكومات بحجة اأن ذلك ي شجع البذخ والف ساد ول يوؤدي إاىل التنمية بل اإىل ت شجيع ال ستهالك احلكومي والتكالية على امل ساعدات. وظهرت نغمة املطالبة ب أن ت قدم تلك امل ساعدات إاىل املنظمات غري 24

25 احلكومية وعربها و أان على الدولة العمل على خ صخ صة القطاع العام وحترير القت صاد وتبني اقت صاد ال سوق وت شجيع الت صدير وال سترياد بغية ولوج العوملة. وبد أات تلك ال سيا سة يف 1980 لدى هبوط اأ سعار املواد الأولية والتي اأدت إاىل أازمة املديونية والتي بلغت اأوجها بني مما دفع الدول الغنية إاىل تغيري اجتاه امل ساعدة الر سمية للتنمية لتمويل ما ي سمى خطط التعديل البنيوية Plans( Structural ( Adjustment بهدف متكني الدول الفقرية من احل صول على متويل وقرو ض جديدة. اأما الغر ض احلقيقي وراء خطط التعديل البنيوية فهو اإ ضعاف الدولة واإنهاء حكم احلزب الواحد واخل صخ صة وتبني اقت صاد ال سوق ودفع الدولة إاىل تبني ا سرتاتيجية الندماج بالعوملة. وقد أادت تلك ال سيا سات يف عدة دول إاىل ارتفاع ن سب البطالة وغالء الأ سعار وا ضطرابات اجتماعية وازدياد يف الفقر ب سبب النفتاح ال رسيع. وجاءت التنمية امل ستدامة لأن سنة العوملة املتوح شة ولو ضع ضوابط لها ف أدخلت ر ؤوية جديدة بيئية ت ؤوكد رضورة احرتام املوارد املحدودة وغري املتجددة و أادخلت مفهوم الكونية ب أننا يجمعنا مركب واحد ف سلوك اأحدنا ي ؤوثر على الباقني. لكن الوجه الآخر للعملة هو أان الغرب قد اأ صبح سيد الكون فان شغاله الأ سا سي هو يف احلفاظ على م ستوى احلياة املتطور واأ صبحت التنمية كما يف ال صني والهند والربازيل ت شكل مناف سة اقت صادية وا ستهالكا متناميا ملواد اأولي ة كان الغرب ي ستخدمها لوحده اإ ضافة إاىل ما تتعر ض له البيئة من أا رضار ب سبب التلوث ال صناعي والنمو الدميوغرايف ال رسيع يف تلك الدول ال صاعدة. غري أان التنمية امل ستدامة قد حتولت إاىل ا سرتاتيجية عاملية يف م ؤومتر ريو دي جانريو )1992( والذي شارك فيه 173 رئي س دولة وحكومة ونتج عنه تبني ما ي سمى أاجندة 21 بعنوان ا سرتاتيجية عاملية للتنمية امل ستدامة قدمها بطر س غايل أامني عام الأمم املتحدة يف حينه. وحتتوي تلك ال سرتاتيجية على 27 مبداأ اأ سا سي ا جتعل من التنمية امل ستدامة حقيقة واقعية. ومن تلك املبادئ: 1 اعتبار الإن سان مركز اهتمام التنمية امل ستدامة ومن حق ه التمتع مبعي شة سليمة ومنتجة ومن سجمة مع الطبيعة. 2 على الدول كافة وال شعوب العمل معا لإزالة الفقر وتقلي ص الفوارق يف م ستوى املعي شة. 3 من واجب ال شعوب ممار سة احلق يف التنمية واإن صاف احتياجات الأجيال القادمة وعدم تعري ض البيئة للمخاطر لأنها جزء من م سار التنمية. وحددت الأجندة 21 هدف التنمية امل ستدامة على اأنه التوفيق واملالءمة بني الفاعلية القت صادية وحماية البيئة والإن صافالجتماعي. ودعتاإىلالتفكري كوني ا والعمل حملي ا على زيادة الإنتاج )اقت صاد( وحماربة الفقر والالم ساواة )جمتمع( واحرتام البيئة )احلفاظ على البيئة(. اأما املكو ن الرابع للتنمية امل ستدامة فهو الت ضامن بني الأجيال الراهنة وامل ستقبلية أاي اإنها جت م ع وتال ؤوم بني الهتمامات الأفقية )املكان( والعمودية )الزمن(. وال سوؤال هو: اإىل اأي مدى ميكن التوفيق بني مكو نات غالبا ما يكون بينها تناق ضات يف ظل حكم عاملي ه ش ل يزال بال موؤ س سات فاعلة تتوىل عمليات ال ضبط والتنظيم والإ رشاف فمثال احلركات البيئية تعتني فقط باملكو ن البيئي للتنمية امل ستدامة فهي تعمل ضد عوامل التغري املناخي وت سعى للحفاظ على التنوع البيولوجي وال سهر على الأمن الغذائي وحماربة الت صح ر واجتثاث الغابات والقت صاد يف ا ستغالل املوارد املتحجرة والبرتول وت شجيع الطاقة املتجددة وحماربة التلوث. اإلخ. ولكن هذه احلركات ل تكرتث ول ت أخذ يف احل سبان م صالح الدول ال صاعدة ال ساعية اإىل اللحاق بالركب احل ضاري الغربي. باملقابل تعمل املنظمات املالية الدولية )البنك الدويل و صندوق النقد الدويل... اإلخ( على ت شجيع الدول النامية على اعتماد ا سرتاتيجية النمو القت صادي كو سيلة وحيدة ملحاربة الفقر. وحتث الدول النامية يف ت شجيع ال رشكات الأجنبية على ال ستثمار يف اأرا ضيها خللق فر ص عمل واإنتاج ثروة متكنها من سداد ديونها املرتاكمة. وقد يتطلب ذلك ا ستغالل الغابات بحثا عن املواد الأولية كاملعادن والبرتول الأمر الذي يوؤدي اإىل مزيد من الت صح ر والتلوث وا ستغالل املوارد غري املتجددة مما يعر ض اإىل حرمان الأجيال القادمة ال ستفادة من اخلريات الراهنة. اأما املنظمات غري احلكومية فرتك ز ن شاطها على ف ضح م ساوئ العوملة غري امل سيطر عليها من قبل احلكم العاملي اله ش خا صة البعد الجتماعي حيث توؤدي العوملة يف الدول النامية اإىل زيادة الفوارق يف توزيع الرثوة وازدياد البطالة وا ستفحال الفقر وتهمي ش رشائح جديدة من ال سكان. اإذن دور التنمية امل ستدامة هو العمل على املواءمة والتوفيق بني امل صالح املتناق ضة واملتفاوتة. متاما كما يجري التفكري والعمل من اأجل امل صلحة العامة اأي ضمان اإطار معي شة متك ن كل فرد من ممار سة حقوقه اليوم وغدا ويف كل مكان. ومن هنا ف إن حتقيق التنمية امل ستدامة يحتاج اأول وقبل كل شيء اإىل ا ستتباب الأمن وال ستقرار واحلرية يف الختيار لتلبية احلاجات و ضمان 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

26 ال صحة والتعليم. رمبا اأ صبحت التنمية امل ستدامة مو ضة جديدة تلتزم بها الدول وال رشكات واملجتمعات املدنية كما هو حا صل فعال يف برنامج الأمم املتحدة املدعو 1999 Compact( Global ( ف لن ضمام إاىل هذا الربنامج يلزم امل شارك باحرتام دليل اأخالقي و سلوكي كما يلزم ال رشكات باحرتام ت سعة مبادئ منها: تطوير سيا سة بيئية والبحث عن تكنولوجيا أاقل تلويثا... إالخ. وباخت صار ميكن اعتبار أان التنمية امل ستدامة ذات قوائم الطلبات الكثرية م صطلح رشه. فعلى سبيل املثال ل احل رص ت ضم قوائمها: 1 جمال البيئة: التنوع البيولوجي )حماية وتهديد الغابات وحماربة التغيري اجليني الع ضوي( املاء ( إادارته نوعيته توافره( م صادر طبيعية متجددة )الطيور الربية ال صيد( املواد الأولية املتحجرة )املعادن البرتول... إالخ( م شكالت النفايات ارتفاع احلرارة اجلوية ت أثري التدفئات ال صطناعية التلوث )مياه بحر جو( الت صحر الناجت عن اجتثاث الغابات والجنراف الأر ضي. 2 يف املجال القت صادي: الزراعة امل ستدامة احلقوق العقارية )اإ صالح زراعي( الأمن الغذائي التبادل الدويل التجارة العادلة ت أمني الطاقة والنقل سيا سات اقت صادية حقوق و شهادة ملكية وبراءة اخرتاع. 3 يف املجال الجتماعي: ال صحة )اأمرا ض جديدة احل صول على الأدوية سيا سة صحية حملية ودولية( التغذية )الأمن الغذائي كم ا ونوعا ( حماربة الفقر سيا سة سكانية وح رضية )الدمي غرافية تخطيط املدن و ضع املر أاة وحتديد الن سل احلق يف العمل احل صول على التعليم التقدم يف ال سن التنظيم الجتماعي احلق باملعرفة واحل صول على املعلومات وتدارك النزاعات وال رصاعات(. هذا التنوع والتعدد هو الذي يجعل من التنمية امل ستدامة مقاربة و سيا سة وثقافة قبل اأن تكون برنامج عمل وا سرتاتيجيات وهو ما يعر ضها اأحيانا إاىل اأن تكون جمرد شعارات اأو طوباوية بعيدة املنال. التنمية امل ستدامة والعوملة و ضعتا حد ا للتنمية املحلية مبعزل عن العامل فنحن يف عامل مت صل ومت شابك ومتفاعل: تبادل يف الأ سواق املالية بحيث اإن التقلب يف سعر رصف العملة اأم يف حركة راأ س املال بل وبالإجراءات التي تتخذها البنوك وامل صارف يوؤثر ب شكل كبري على القت صادات املحلية والوطنية وعلى تقلب اأ سعار املوارد الوطنية. وبالتايل على رصف امليزانية وقد تكون الأزمة املالية الراهنة خري دليل على ذلك. فتمويل القت صادات اليوم قد غري املعطيات متاما الأمر الذي اأ ضعف سلطة احلكومة واأث ر يف قدرتها على املناورة. كونها ل تتحكم بالثوابت املقررة لندماجها يف التبادل الدويل. اإن ضعف الدولة يف عامل اليوم اأفقدها القدرة على و ضع سيا سة إارادوية اأو التخطيط متو سط املدى للتنمية. وبع ض تلك الدول واقعة حتت اإ رشاف املوؤ س سات املالية الدولية بغية مواجهة الديون املرتاكمة ولتمكينها من احل صول على قرو ض جديدة. واأحيانا تفر ض املوؤ س سات املالية اأجندات واختيارات اقت صادية تتناق ض ومتطلبات التنمية امل ستدامة واأحيانا اأخرى يتم الأخذ با سرتاتيجيات واعتبارات ال رشكات العاملية الكربى ب رصف النظر عن املجهودات املحلية واعتباراتها. اأما امل ستفيد الأكرب من اإ ضعاف الدولة فهي املنظمات غري احلكومية وهذا ما يف رس صعوبة العالقات بني الطرفني فاملنظمات غري احلكومية ت سعى يف جم لت متعددة اإىل اإن شاء بني وهيكليات موازية اأو مناف سة للدولة كما يح صل يف منتديات بورتو اليجري Allegre( Porto ( اأي اإن دور املجتمع املدين اأ صبح اأ سا سيا لي س فقط كتعبري عن القيم الدمي قراطية عاملي ا واإمنا ب صفته الهيئة املكم لة واملحافظة على ا ستمرارية عمل الدولة واملنظمات الدولية. يف بداية هذا القرن ويف عامل ل يزال يعيد ت شكيل اأنظمته واإجراء اإ صالحات كونية وعلى م ستوى املجتمع الدويل ل تزال الفو ضى هي ال صفة املل صقة بالعوملة والنداءات تتعاىل وال ضغوطات تت ضاعف لقوننة العوملة واأن سنتها. وتلعب املنظمات غري احلكومية دورا اإيجابي ا يف هذا الإطار فبف ضل ضغوطاتها اأ صبحت م س ألة إالغاء ديون الدول النامية على جدول أاعمال املوؤمترات الدولية الكربى ويف أاروقة الأمم املتحدة ويعود اإليها الف ضل يف تعميم م صطلح التنمية امل ستدامة والتجارة العادلة وحماربة انت شار مر ض فقدان املناعة. ومنذ عدة سنوات رشعت عدة منظمات غري حكومية يف تطوير ذاتها وهي يف صدد التحول إاىل منظمات غري حكومية مهنية ويف صدد تبني وتطبيق احلكم اجليد املعمول به يف ال رشكات. ولكن معظمها ل يزال يف مرحلة البحث واملحاولة والتجربة ول يزال اخللل يف الت سيري والف شل يف اختيار الأهداف اأو يف التواجد على الأر ض يف الوقت املنا سب هو ال سائد لدى عديد من املنظمات غري احلكومية. وعليه فال بد من الرقابة املتكررة والتقييم سواء كان املبادر لذلك املمول اأو اجلهة امل ستفيدة من برامج عملها فلكي ينفذ برنامج عملها ب شكل كامل وفاعل ل بد من حكم جيد واإدارة ر شيدة ودميقراطية و شفافي ة غري اأن البحث عن دور للدولة يف الإدارة املالية الراهنة وما بعدها قد يوؤثر سلبا على املكانة احلالية املرموقة واملوؤثرة للمنظمات غري احلكومية فتدخل الدولة ب أجهزتها الرقابية سيقي د حتما من حرية عمل تلك املنظمات وقد ي سحب الب ساط اأي ضا من حتت اأقدام صندوق النقد الدويل والبنك الدويل ب سبب صمتهما عندما حذ ر اخلرباء من ا ستهتار م ؤو س سات املال بالرثوات واإعالنها فقط عن الأرباح التي كانت على الأرجح لي ست سوى ديون. اأما اخلوف من دور الدولة يف الرقابة فريجع اإىل عدم الرغبة يف فر ض اإجراءات وقائية حلماية القت صاد املحلي. ويتطرق الف صل القادم اإىل العالقة اجلديدة بني الدولة والقت صاد. 26

27 القت صاد احلر: اأزمة عابرة اأم حتول ح ضاري... على ما يبدو أان الأزمة الراهنة لي ست عابرة ك سابقاتها بل هي دليل على مرحلة جديدة مل يتم التنب ؤ بها اأو توقعها نظرا لالعتقاد الواهم بالرثوة ال سهلة والزدياد املطرد يف أا سعار املمتلكات ووهم القوة العظمى التي ل ت ق هر... رغم تقدم القت صاد العاملي يف العام 2008 بن سبة 3.8% بف ضل اقت صاديات الدول ال صاعدة اإل اأن عام 2008 سيبقى عاما سيئا وفق املقايي س كافة فالأزمة املالية كن ست م صارف ضخمة وخف ضت اأ سعار العقارات الأمريكية بطريقة دراماتيكية.. و شهد هذا العام انتفا ضات جوع يف عديد من دول العامل الثالث وتقلبات مذهلة يف اأ سعار البرتول وا ستفح ل للبطالة يف الدول املتقدمة ناهيك عن حروب الإبادة واجلرائم املقرتفة بحق املدنيني يف دارفور والعراق وفل سطني وغريها من البلدان. فهل سيكون عام 2009 عام النكما ش والك ساد اأم عام اخلروج من الأزمة وهل سي شهد العام احلايل توقيع اتفاقية الدوحة لت صبح عامال م ساعدا يف مواجهة م شكالت القت صاد العاملي وهل ستوافق الدول الكربى على اإجراء اإ صالحات جذرية يف صندوق النقد الدويل والبنك الدويل مبا يتنا سب مع التغريات والتطورات العاملية و صعود دول جديدة لعبة على ال ساحة الدولية واأخريا هل ست صبح سنة 2009 عام بدء التكامل القت صادي العربي ل شك اأن صدمة الأزمة املالية قد جعلت الإدارة الأمريكية اجلديدة تهمل املبادئ ال سابقة مل صلحة مركزية الدولة الرباجماتية القائمة على قاعدة رفع ال رضائب ولي س تخفي ضها. هذا التحو ل الكبري يف القيم احل ضارية الأمريكية مل ي أخذ بعد شكله النهائي ولكنه قرر القطيعة مع النموذج الريغاين الذي بد أا يف كاليفورنيا عام 1970 ويف اأمريكا الفيدرالية عام والذي تبن ته تات رش يف إاجنلرتا فالنموذج اجلديد يدعو إاىل اعتماد مبد أا رفع ال رضائب والعزوف عن ا سرتاتيجية تخفي ض الدولر بغية ت شجيع ال صادرات ويلج أ اإىل تخفي ض ا ستهالك الطاقة وتقلي ص العتماد على برتول الدول العربية واملحافظة على ال سلع الأمريكية وحمايتها عرب نظام جمركي فاعل. وعلى امل ستوى الع سكري ف إن النموذج اجلديد يدعو اإىل اإنهاء احلرب على الإرهاب وحل امل شكالت سيا سي ا واإنهاء ع رص ال ستعمار اجلديد واإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية واعتبار اأن مرحلة الغنى ال رسيع لالأفراد قد ول ت و أان التق شف املايل رضوري للخروج من الأزمة. هذا التحول الكبري ي شري اإىل اأن الوليات املتحدة الأمريكية ومعها القت صاد العاملي موجودان على مفرتق طرق اأيديولوجي وعملي.. ف أمريكا وقبل و صول ريغان اإىل احلكم كانت ومنذ عام 1930 تعتمد على منوذج الدولة الراعية التي اعتمدها فرانكلني روزفلت وفق املدر سة الكنزية وكانت دولة أابوية تعتمد على النمو القت صادي وتعاون طبقات املجتمع وتقنني القت صاد من اأجل ال سالم الجتماعي.. وقد تبنت أاوروبا بعد احلرب العاملية الثانية هذا النموذج الأمريكي و سم ته.state welfare ويف الع رشين سنة الفائتة جرى تعميم النموذج الريغاين / التات رشي واأ صبحت مبادئه حقيقة غري قابلة للنقا ش واعترب كل من شكك فيها شيوعي ا اأو جاهال وكان صاحب هذه الفل سفة العقائدية ملتون فريدمان. وان سجاما مع مبادئها فقد قررت الريغانية اأن القت صاد يكون يف اأح سن اأحواله عندما ل تكون هناك حواجز وقيود يف ال سوق واأن التدخل احلكومي مي س بنجاعة ال سوق ويف م ستوى املعي شة. ووفق تلك الفل سفة ف إن ال سوق قادرة على تعديل نف سها بنف سها لت صحيح الختالل اأو الف شل. ووفق تلك املبادئ ف إن التدخل احلكومي يزيد من امل شكالت ب سبب البريوقراطية احلكومية فبالن سبة لريغان ف إن احلكومة لي ست حال واإمنا هي امل شكلة. وميكن تلخي ص املبادئ التي قامت عليها الليربالية اجلديدة هذه يف خم سة مبادئ وهي: 1 عدم تدخل الدولة يف القت صاد واقت صار دورها على توفري املناخ املنا سب لال ستثمار. 2 فر ض حرية ال سوق. 3 الفردية هي القيمة الرئي سية للعاملني يف النظام املايل دون رقابة الدولة. 4 حماية الحتكارات وحرية املناف سة. 5 ت سليع )جعله سلعة( كل الأ شياء مبا يف ذلك الثقافة والفن والأدب. اأما قيم الليربالية اجلديدة الثقافية فهي: احلرية وحتقيق الذات بحيث ي صنع الفرد ذاته بذاته والكرامة الإن سانية والنزعة ال ستهالكية ك أ سلوب حياة والدميقراطية كنظام سيا سي وحرية الديانة والبحث عن احلقيقة بعقالنية. على إاثر هذه الأيديولوجيا. جرت عملية خ صخ صة كبرية للم صانع وال رشكات وللخدمات ال صحية والتعليمية والرفاه الجتماعي وحتى لل سجون. كانت إادارة بو ش رمزا للهيمنة الأيديولوجية عرب املحافظني اجلدد التي اأدت اإىل منح وظائف حتى يف جم لت الأمن واحلرب ملقاولني مدنيني ففي العراق مثال ف إن عدد املدنيني الذين مت ت شغيلهم من قبل املقاولني اخلا صني يف خدمة اجلي ش يقرتب من عدد اجلنود الذين يخدمون هناك. واأدت ممار سة اأيديولوجيا الليربالية اجلديدة إاىل تكدي س اأرباح ضخمة يف البور صة واأ صبح الأغنياء واملليونريات بع رشات الآلف وحظي روؤ ساء ال رشكات برواتب وحوافز بع رشات املاليني يف ال سنة واجنرف املاليني يف دوامة ال سترثاء ال سهل )boys-golden( و ساعد على ذلك الفوائد املنخف ضة التي اأدت اإىل العتمادات ال سخية ون شوء اأدوات مالية جديدة كتلك التي اأتاحت مثال للم صارف التي منحت القرو ض العقارية ال سخية لكل من اأراد ذلك واإعطاء قرو ض ملوؤ س سات كرزم سندات من نوع جديد. وقد مت ذلك من دون رقابة. وعندما انفجرت اأزمة القرو ض العقارية يف يوليو )متوز( 2007 فقدت اأكرث من مليون ون صف املليون عائلة اأمريكية منازلها ب سبب اإفال س بنوك ال ستثمار التي كانت متثل عظ مة القت صاد الأمريكي. وجرى ت أميم م صارف للقرو ض العقارية درءا لنهيارها واحتاجت اأكرب رشكة ت أمني يف العامل اإىل ع رشات املليارات من اخلزينة الأمريكية للحوؤول دون انهيارها اأي ضا. وطلب الرئي س بو ش رمز القت صاد احلر و صاحب نبوءة ال سترثاء ال سهل من الكوجنر س امل صادقة على اإنفاق 700 مليار دولرا ل رشاء ديون امل صارف و رشكات ال ستثمار من أاجل منع انهيارها. وقد اأدى هذا الأمر اإىل سقوط نظرية اأن ل سوق ت ستطيع احلفاظ على ا ستقرارها بقواها الذاتية ف أزمة القرو ض العقارية اأثبتت اأن الدولة ولي ست ال سوق هي ال ضمانة لرخاء املواطنني.. واأ صبح وا ضحا اأن اقت صاد ال سوق ل ميتلك آالية ناجعة لإ صالح ذاته وهو بحاجة اإىل تدخل حكومي وهذا ما فعله الرئي س اجلديد باراك اأوباما عندما اقرتح تخ صي ص 825 مليار دولر لإنعا ش القت صاد الأمريكي. وهناك من يحم ل القانون الذي و ضعه بو ش عام 2004 امل س ؤوولية املبا رشة عن اأزمة الرهن العقاري. ويقدم القانون املذكور ت سهيالت جم ة متك ن الأفراد من ذوي الدخل املحدود والطبقة الو سطى من رشاء عقار دون ت سليم دفعة أاوىل ودون التدقيق يف قدرات هوؤلء على حتمل م سوؤوليات متل ك العقار وت سديد امل ستحقات على القرو ض املمنوحة وقد نتج عن ذلك ارتفاع اأ سعار العقارات. والبع ض الآخر يعترب اأن انف صال ملكية ال رشكات عن اإدارتها قد أادى اإىل اإ ضعاف اآليات الرقابة و إاهمال الواجبات الأدبية مما شجع املدراء التنفيذيني على اجل شع وخو ض مغامرات ا ستثمارية متهورة ف أقر ضوا الكثري من املال اإىل اأفراد مل يتمكنوا من ت سديد ديونهم. ثم اأن هناك من يعتقد اأن بنك الحتياطي الفيدرايل الأمريكي وم صارف مركزية اأخرى قد ارتكبت خط أ برتكها م ستويات الفائدة متدنية مما شجع على ال ستدانة و شجع امل صارف على الإقرا ض خا صة واأن تلك امل صارف املركزية قد ف شلت يف رقابة و ضبط البنوك للت أكد ب أنها متلك ال سيولة املالية الكافية. اإ ضافة اإىل ذلك هناك من يعتقد اأن الراأ سمالية املالية كانت تدير اأموال و أان شطة العامل القت صادية بعقلية مقامري الكازينوهات و املافيات. 2 ت رشين الثاين 2011 عدد

28 ولقد ن ش أت أازمة الرهن العقاري على النحو التايل: يف البدء كانت موؤ س سات البناء وامل صارف جتذب الإيداعات من املدخرين ثم تقدمها على شاكلة قرو ض ملن يرغب يف امتالك منزل ثم و سعيا لزيادة الأرباح اأ ضحت امل صارف ت ستدين من بع ضها البع ض بغية منح القرو ض العقارية ثم حتولت بع ض امل صارف إاىل موؤ س سات متويل شمويل لقطاع العقارات واأ صبح لديها حملة اأ سهم. و سعيا ملزيد من الربح طورت تلك املوؤ س سات اأ سلوبا جديدا يق ضي بتجميع القرو ض ال سكنية وبيعها ك سندات اأمان مل صارف اأخرى اأو مل ستثمرين ماليني ثم ت أ س ست رشكات متخ ص صة لت شغل تلك احللقات مما اأتاح للم صارف الإقدام على مزيد من ال ستدانة ومنح املزيد من القرو ض ال سكنية. وقد اأدى ذلك اإىل ازدهار ال سوق العقارية وكانت امل صارف ت سرتجع الأموال املقرت ضة من ارتفاع اأ سعار العقارات ثم بداأت امل صارف تقر ض م ستدينني ل دخل لهم معتمدة على احتمال ارتفاع اأ سعار العقارات. وعندما اأخذت اأ سعار العقارات بالرتاجع يف عام 2006 هبطت سوق القرو ض العقارية ب سبب عدم قدرة امل ستدينني على ت سديد مديونياتهم إاذ ات ضح اأن اأ سعار العقارات قد جرى ت ضخيمها جراء امل ضاربات املتعددة. على ما يبدو اأن الأزمة الراهنة لي ست عابرة ك سابقاتها بل هي دليل على مرحلة جديدة مل يتم التنب ؤو بها اأو توقعها نظرا لالعتقاد الواهم بالرثوة ال سهلة والزدياد املط رد يف اأ سعار املمتلكات ووهم القوة العظمى التي ل ت ق هر. وما اأزمة القرو ض العقارية اإل عار ض لالأزمة التي جتل س على ثالث حلقات رئي سية هي: 1 املال ال سهل: فبعد انهيار عام 1987 مت اعتماد سيا سة نقدية تو سعية بفائدة منخف ضة تهدف منع تكرار انهيار 1987 وها هي النتيجة ت أتي معاك سة للمرجو منها فغزارة ال سيولة قد اأدت اإىل تطوير فقاقيع م ضاربات بداأت مع الإنرتنت ثم انتقلت اإىل العقارات دون ردع اأو عقاب. 2 اختفاء ال شعور باملخاطرة: نظرا لعدم وجود ضابط اأو نظام.. فقد تطور نظام الو سطاء بني موزعي الئتمانات وخا صة العقارات وبني امل ستفيدين منها بحيث مل يعد موزعو الئتمانات معر ضني للمخاطرة. 3 إهمال التنظيم وال ضوابط املالية: نظرا ل ضعف املراقبة واملحا سبة وبعيدا عن احرتام الواجبات الأدبية اأ صبحت ال سوق تعمل وفق لعبة الثالث ورقات اإذ صار من املمكن بيع ممتلكات وهمية اأو ل منلكها و رشاء اأ سهم دون دفع ثمنها ودون حتمل اأية م سوؤولية. فالآلية تعتمد على ارتفاع سعر ال سهم وكان ذلك اأحد اأ سباب الأزمة الراهنة.. اإنه اجل شع الناجت عن خمالفة الواجبات الأدبية والقواعد الأ سا سية ملهنة امل صارف ولهذا فنحن نواجه اليوم أازمة تختلف عن انهيار عام 1929 لأن ه ضم اخل سائر يحتاج اإىل بع ض الوقت كما اأننا نعي ش نهاية مرحلة ونهاية ع رص املديونيات التي جرى خاللها متويل النمو بالديون ودون اأي ربط لتلك الديون ب أ سعار املمتلكات اأو ب إنتاجها املتوقع واملرجو اأي دون ربط الديون ب لقت صاد احلقيقي. واملرحلة اجلديدة تتطلب من الوليات املتحدة الأمريكية و ضع ال ضوابط الكفيلة مبنع اللتفاف على الأنظمة مع ال ستمرار املط رد بالتجديد والخرتاع وت شجيع ال صادرات اإىل الدول ال صاعدة واإنها مل سوؤولية امل صارف املركزية يف حتديد ال ضوابط القانونية لل سوق احلرة. وهذا يعني رضورة أان ت رشف الدولة على ح سن سري اقت صادها والتدخل حلمايته وفر ض احرتام امل صارف وامل ؤو س سات املالية للديونطولوجيا فقد تبني اأن التخل ي الكل ي للدولة ي ؤودي اإىل انهيارات مفاجئة ومت سارعة فال بد اإذن من رقابة صارمة تقوم بها الدولة.. وبا ستطاعة الدولة اأي ضا بل من م س ؤوولياتها املواءمة بني موجبات التناف س واملبادرة الفردية ومتطلبات الرفاه الجتماعي وهو الأمر الذي قد يعيد العتبار للمدر سة الكنزية التي مت إاق س وؤها منذ بداية ال سبعينيات ل تح ل حمل ها مبادئ ريغان القت صادية. رغم تفعيل خطط وبرامج الإنقاذ املايل فقد ي صاب القت صاد العاملي بالركود طاملا اأن تلك اخلطط مل تفلح يف ا ستعادة ثقة امل ستثمرين ب إيجابياتها ومل تطمئن املودعني متاما اإىل سالمة ودائعهم فالإجراءات التي اتخذتها الوليات املتحدة والدول ال صناعية تعتمد اأ سا سا على ضخ ال سيولة يف الأ سواق ودعم امل ؤو س سات املالية املهددة بالإفال س و ضمان الودائع واملدخرات والعمل ب صورة من سقة ملواجهة تداعيات الأزمة اإ ضافة اإىل اإجراءات اإنعا ش القت صاد. ونظرا لأن القت صاد الأمريكي ي شكل 40% من القت صاد العاملي ف إن الأزمة الراهنة قد اأ رضت بالدول كافة. ومن هنا اأهمية العمل على خلق كيان ت رشيعي ورقابي م رصيف عاملي موحد ت شارك يف اإدارته وو ضع سيا ساته املجموعات الإقليمية والتجمعات القت صادية كافة. كما ل بد من اإ صالح صندوق النقد الدويل والبنك الدويل فهذا التواأم الذي ت أ س س عام 1944 يف Woods Bretton بجانب وا شنطن لنجدة اأوروبا قد اأ صبح يعي ش يف املا ضي فال يتحرك اإل للتدخل يف العامل الثالث. صحيح اأن املوؤ س ستني قد تطورتا منذ ذلك احلني ولكن الر أا سمالية حتولت ب رسعة اأكرث واأكرب لدرجة اأن صندوق النقد الدويل اليوم ل يتحكم اإل ب سيولة مالية اأقل من 1.8% من الواردات العاملية. كما اأن حجم إاقرا ض التو أام زهيد للغاية فالرافعة احلقيقية للمال والتجارة يف عامل اليوم هي اأكرب مائتي رشكة عابرة 28

29 للقارات) 1 ( والتي ل تخ ضع لرقابة أاحد بينما كان الو ضع خمتلفا متاما حني ت أ سي س التواأم.. فمثال اقرتح يومها القت صادي الكبري كينز )Keynes( اإن شاء صندوق نقد دويل ذي موارد ت ساوي ن صف الواردات العاملية بغية منحه قدرة مالية عاملية شاملة فن صدوق النقد الدويل الذي أا س س ليعمل ك أداة لالإقرا ض لفرتة ق صرية الأمد والبنك الدويل الذي اأن ش أ لالإقرا ض لفرتة طويلة قد حتول إاىل لعب دور ال رشطي لراأ س املال العامل يف العامل الثالث واأوروبا ال رشقية ورو سيا. وبالتايل.. ف إن تواأم )بريتون وودز( عاجز عن حل م شكالت الراأ سمالية يف اأزمة مالية واقت صادية ي صعب ال سيطرة عليهما ف أرباح القت صاد املايل تعتمد على ال ستدانة وعلى خلق ل حمدود للمديونيات على م ستوى ال رشكات والتدبري املنزيل واحلكومات. وهو اقت صاد يت ضخم اأكرث وب رسعة أاكرب من الإنتاج الوطني العام والعاملي والتجارة العاملية. كيف ميكن أان ن أمل يف مثل هذه الأو ضاع يف الو صول إاىل ا ستقرار للنظام املايل العاملي اأو إاىل فاعلية ذلك النظام يف ظل بنك دويل و صندوق نقد دويل مهم شني بل اإن ال س ؤوال هو فيما إاذا كان حتقيق ا ستقرار اأو نظام مايل جديد يتما شى مع امل صالح الراهنة لل رشكات أاو مع الليربالية القت صادية حيث احلرب القت صادية واملناف سة ال شديدة وامل ضاربات التي اأدت إاىل الإفراط املايل والفجور اأم ل!! وتتحمل إادارة بو ش ق سطا من امل س ؤوولية يف سعيها احلثيث لإنهاء دور الدولة يف القت صاد وال ستناد إاىل آالية ال سوق غري املراقبة والعجز الكبري يف امليزانية الأمريكية والذي و صل يف عهده إاىل أالف مليار دولر بينما مل يكن هناك عجز يف امليزانية لدى ا ستالمه ال سلطة عام لكن الوليات املتحدة الأمريكية ورغم مديونيتها الثقيلة غري معر ضة لالإفال س. ويرجع ذلك إاىل الو ضع املتميز للدولر: فهو من جهة غري مغطى بالذهب منذ ومن جهة أاخرى فقد متكن من حبك شبكة عاملية ي صعب الإفالت منها اإذ اأ صبح ي شكل الق سط الأعظم من احتياطي امل صارف املركزية يف دول مثل: ال صني واليابان ورو سيا والتي ل م صلحة لها على الإطالق بانهيار الدولر اأو اإفال س الوليات املتحدة الأمريكية. اأما بالن سبة ل رشاء سندات اخلزينة الأمريكية فهي م ضمونة بف ضل الرثوات ال ضخمة يف جزر Caïmans وجزر Vierges واأرخبيل Bermudes وال صني واليابان والأخريتان تقدمان القرو ض وت شرتيان سندات اخلزينة الأمريكية كي ت ستطيعا يف املقابل بيع سلعها يف ال سوق الأمريكية. ورغم ا ستفادتها من و ضعها املتميز ف صدمة الأزمة الراهنة قد دفعت ب أمريكا اأوباما إاىل اإهمال مبادئها ال سابقة مل صلحة الدولة املركزية املتبنية ملبد أا رفع ال رضائب كما اأنها توافق على اإجراء حتولت وتغريات جذرية يف بنية النظام املايل العاملي بغية مواجهة الأزمة النقدية الراهنة والتي طالت الأنظمة امل رصفية يف دول العامل كافة وهذا يتطلب من وا ضعي ال سيا سات القت صادية يف دول العامل العمل معا لإر ساء مفهوم حوكمة وديونطولوجيا من منطلق رضورة حوكمة املوؤ س سات بر ؤوية تعزيز خطط الدول وبراجمها حول كيفية إادارة القت صاد يف ظل الأزمة وبغية اخلروج منها واإنهائها. وقد جاءت القمة القت صادية العربية الأوىل والتي عقدت يف الكويت يومي 19 و 20 يناير / كانون الثاين 2009 يف وقتها فالنظام امل رصيف العربي الذي اعتاد منذ اأكرث من ع رشين عاما تلقي توجيهات جلنة بازل الثانية وتنفيذها دون اأن يكون للعرب ممثل عنهم يف تلك اللجنة تقع عليه اليوم وبعد قمة الكويت م سوؤولية العمل واملطالبة ب أن ت أخذ املجموعة العربية دورا يف صياغة قرارات تلك اللجنة املالية بل امل ساهمة كطرف فاعل يف صياغة اأية اإ صالحات أاو قواعد جديدة للنظام املايل العاملي.. ول شك اأن قرار القمة العربية ب إن شاء ال سوق العربية امل شرتكة حتى 2015 يدل على جدية وعقالنية جديدة يف العمل العربي امل شرتك خا صة واأن الأفكار التي حتكم امل سار القت صادي مت شابهة لدى أانظمة احلكم العربية. وهذا القرار يتطلب موا صلة الإ صالحات الهيكلية وتي سري حركة ال ستثمار والتنمية واإزالة املعوقات البريوقراطية التي تعيق حرية النتقال امل أمون لروؤو س الأموال العربية. وبالطبع ل بد من مراجعة شاملة ل أالنظمة ال ستثمارية واإزالة العقبات التي تعرت ض اإقامة م شاريع عربية م شرتكة كخطوة اأوىل نحو بناء سوق عربية م شرتكة وتكامل اقت صادي عربي خا صة واأن مقومات التكامل متوافرة. ويتطلب ال سعي اإىل سوق عربية م شرتكة رضورة اإ رشاك القطاع اخلا ص يف هذا امل سار املهم عرب ت رشيعات عربية م شرتكة ت شجعه على الإقبال باطمئنان لتحمل دوره بوا سطة تي سري سبل التبادل التجاري العربي وتوفري ميزات تف ضيلية لال ستثمارات امل شرتكة. وذلك يتطلب اإجراء التغيريات ال رضورية يف نظم النقد امل رصفية العربية كي تتمكن الأخرية من امل ساهمة يف متويل متطلبات التنمية وتطوير البنى التحتية املوؤهلة ل ستقبال و سائل الإنتاج احلديثة وو سائل الت صدير املناف سة فال سوق العربية امل شرتكة يف ع رص التكتالت القت صادية الكربى رضورةق صوىملواجهةواحتواءتداعيات الأزمة املالية العاملية خا صة واأن العامل العربي يعاين من فقدان الكتفاء الذاتي يف الغذاء والبطالة والديون اخلارجية والفتقار اإىل قاعدة تكنولوجية متطورة وعدم ا ستقطاب الكفاءات والكوادر العلمية العربية. اإن من حق املواطن العربي أان يتمتع يف م رشق العامل العربي ومغربه بحرية التنقل وحرية الإقامة والعمل وال ستثمار وانتقال روؤو س الأموال وحرية تبادل الب ضائع واملنتجات وحرية النقل والرتانزيت وا ستعمال و سائل النقل واملرافق والدخول واخلروج ال سهل والآمن من املوانئ البحرية واملطارات واملنافذ الربية.. متاما كما يتمتع بذلك املواطن وامل ستثمر الأوروبي يف اإطار ال سوق الأوروبية امل شرتكة. 2 ت رشين الثاين 2011 عدد